غير أنه مما يجب علمه أن مجاري هذه الأصول لا تعرف ، كما لا يعرف أن مجرى هذه الحالة هو مجرى هذا الأصل مثلا إلا من طريق أدلة جريان هذه الأصول واعتبارها . وفي بعضها اختلاف باختلاف الأقوال فيها . وقد ذكر مشايخ الأصول على سبيل الفهرس في مجاريها وجوها مختلفة لا يخلو بعضها من نقد وملاحظات . وأحسنها - فيما يبدو - ما أفاده شيخنا النائيني - أعلى الله مقامه - ( 1 ) . وخلاصته : إن الشك على نحوين : 1 - أن تكون للمشكوك حالة سابقة وقد لاحظها الشارع ، أي قد اعتبرها . وهذا هو مجرى " الاستصحاب " . 2 - ألا تكون له حالة سابقة ، أو كانت ولكن لم يلاحظها الشارع . وهذه الحالة لا تخلو عن إحدى صور ثلاث : أ - أن يكون التكليف مجهولا مطلقا ، أي لم يعلم حتى بجنسه . وهذه هي مجرى " أصالة البراءة " . ب - أن يكون التكليف معلوما في الجملة مع إمكان الاحتياط . وهذه مجرى " أصالة الاحتياط " . ج - أن يكون التكليف معلوما كذلك ولا يمكن الاحتياط . وهذه مجرى " قاعدة التخيير " . وقبل الكلام في كل واحدة من هذه الأصول لابد من بيان أمور من باب المقدمة تنويرا للأذهان . وهي :