وقد اتضح لدى الأصوليين أن الوظيفة الجارية في جميع أبواب الفقه من غير اختصاص بباب دون باب هي على أربعة أنواع : 1 - أصالة البراءة . 2 - أصالة الاحتياط . 3 - أصالة التخيير . 4 - أصالة الاستصحاب . ومن جميع ما تقدم يتضح لنا : أولا : أن موضوع هذا " المقصد الرابع " هو الشك بالحكم ( 1 ) . ثانيا : أن هذه الأصول الأربعة مأخوذ في موضوعها " الشك بالحكم " أيضا . ثم اعلم أن الحصر في هذه الأصول الأربعة حصر استقرائي ، لأ نهى هي التي وجدوا أنها تجري في جميع أبواب الفقه ، ولذا يمكن فرض أصول أخرى غيرها ولو في أبواب خاصة من الفقه . وبالفعل هناك جملة من الأصول في الموارد الخاصة يرجع إليها الشاك في الحكم ، مثل " أصالة الطهارة " الجاري ( 2 ) في مورد الشك بالطهارة في الشبهة الحكمية والموضوعية . وإنما تعددت هذه الأصول الأربعة فلتعدد مجاريها - أي مواردها - التي تختلف باختلاف حالات الشك ، إذ لكل أصل منها حالة من الشك هي مجراه على وجه لا يجري فيها غيره من باقي الأصول .
( 1 ) المقصود بالشك ما هو أعم من الشك الحقيقي - وهو تساوي الطرفين - ومن الظن غير المعتبر ، نظرا إلى أن حكمه حكم الشك ، بل باعتبار آخر يدخل الظن غير المعتبر في الشك حقيقة ، من ناحية أنه لا يرفع حيرة المكلف باتباعه فيبقى العامل به شاكا في فراغ ذمته . ( 2 ) كذا ، والمناسب : الجارية .