ثبوت صحتها شرعا لو أتى بها المكلف ، لا الكراهة الحكمية الشرعية . ومعنى حمل الكراهة على أقلية الثواب : أن النهي الوارد فيها يكون مسوقا لبيان هذا المعنى وبداعي الإرشاد إلى أقلية الثواب ، وليس مسوقا لبيان الحكم التكليفي المقابل للأحكام الأربعة الباقية بداعي الزجر عن الفعل والردع عنه . وعليه ، فلو أحرز بدليل خاص أن النهي بداعي الزجر التنزيهي ، أولم يحرز من دليل خاص صحة العبادة المكروهة ، فلا محالة لا نقول بصحة العبادة المنهي عنها بالنهي التنزيهي . هذا فيما إذا كان النهي التنزيهي عن نفس عنوان العبادة أو جزئها أو شرطها أو وصفها . أما لو كان النهي عن عنوان آخر غير عنوان المأمور به ، كما لو كان بين المنهي عنه والمأمور به عموم وخصوص من وجه ، فإن هذا المورد يدخل في باب الاجتماع ، وقد قلنا هناك بجواز الاجتماع في الأمر والنهي التحريمي فضلا عن الأمر والنهي التنزيهي . وليس هو من باب النهي عن العبادة إلا إذا ذهبنا إلى امتناع الاجتماع ، فيدخل في مسألتنا . تنبيه : إن النهي الذي هو موضع النزاع - وقلنا باقتضائه الفساد في العبادة - هو النهي بالمعنى الظاهر من مادته وصيغته ، أعني ما يتضمن حكما تحريميا أو تنزيهيا بان يكون إنشاؤه بداعي الردع والزجر . أما النهي بداع آخر - كداعي بيان أقلية الثواب ، أو داعي الإرشاد إلى مانعية الشئ مثل النهي عن لبس جلد الميتة في الصلاة ، أو نحو ذلك من الدواعي - فإنه ليس موضع النزاع في مسألتنا ، ولا يقتضي الفساد بما هو نهي . إلا أن يتضمن اعتبار شئ في المأمور به ، فمع فقد ذلك الشئ لا ينطبق المأتي به على المأمور به فيقع فاسدا ، كالنهي بداعي الإرشاد