وثالثها : أن يتعلق بشرطها أو بشرط جزئها ، كالنهي عن الصلاة باللباس المغصوب أو المتنجس . ورابعها : أن يتعلق بوصف ملازم لها أو لجزئها ، كالنهي عن الجهر بالقراءة في موضع الإخفات ، والنهي عن الإخفات في موضع الجهر . والحق : أن النهي عن العبادة يقتضي الفساد ، سواء كان نهيا عن أصلها أو جزئها أو شرطها أو وصفها ، للتمانع الظاهر بين العبادة التي يراد بها التقرب إلى الله تعالى ومرضاته ، وبين النهي عنها المبعد عصيانه عن الله والمثير لسخطه ، فيستحيل التقرب بالمبعد والرضا بما يسخطه . ويستحيل أيضا التقرب بما يشتمل على المبعد المبغوض المسخط له ، أو بما هو متقيد بالمبعد ، أو بما هو موصوف بالمبعد . ومن الواضح : أن المقصود من القرب والبعد من المولى القرب والبعد المعنويان ، وهما يشبهان القرب والبعد المكانيين ، فكما يستحيل التقرب المكاني بما هو مبعد مكانا كذلك يستحيل التقرب المعنوي بما هو مبعد معنى . ونحن إذ نقول ذلك في النهي عن الجزء والشرط والوصف ، نقول به لا لأجل أن النهي عن هذه الأمور يسري إلى أصل العبادة وأن ذلك واسطة في الثبوت أو واسطة في العروض كما قيل ( 1 ) ولا لأجل أن جزء العبادة وشرطها عبادة فإذا فسد الجزء والشرط استلزم فسادهما فساد المركب والمشروط . بل نحن لا نستند في قولنا في الجزء والشرط والوصف إلى ذلك ، لأ أنه لا حاجة إلى مثل هذه التعليلات ، ولا تصل النوبة إليها بعد ما قلناه : من أنه يستحيل التقرب بما يشتمل على المبعد أو بما هو مقيد أو موصوف