منهيا عنه - كالغسل بالماء المغصوب - فإنه يقع به الامتثال ويسقط الأمر به ، فلا يتصور وقوعه فاسدا من أجل تعلق النهي به . نعم ، إذا وقع محرما منهيا عنه ، فإنه لا يقع عبادة متقربا به إلى الله تعالى . فإذا قصد من الفساد هذا المعنى فلا بأس في أن يقال : إن النهي عن العبادة بالمعنى الأعم يقتضي الفساد ، فإن من يدعي الممانعة بين الصحة والنهي يمكن أن يدعي الممانعة بين وقوع غسل الثوب صحيحا - أي عبادة متقربا به إلى الله تعالى - وبين النهي عنه . وليس معنى العبادة هنا : أنها ما كانت متعلقة للأمر فعلا ، لأ أنه مع فرض تعلق النهي بها فعلا لا يعقل فرض تعلق الأمر بها أيضا . وليس ذلك كباب اجتماع الأمر والنهي الذي فرض فيه تعلق النهي بعنوان غير العنوان الذي تعلق به الأمر ، فإنه إن جاز هناك اجتماع الأمر والنهي فلا يجوز هنا ، لعدم تعدد العنوان ، وإنما العنوان الذي تعلق به الأمر هو نفسه صار متعلقا للنهي . وعلى هذا ، فلابد أن يراد بالعبادة المنهي عنها ما كانت طبيعتها متعلقة للأمر وإن لم تكن شاملة - بما هي مأمور بها - لما هو متعلق النهي ، أو ما كانت من شأنها أن يتقرب بها لو تعلق بها أمر . وبعبارة أخرى جامعة أن يقال : إن المقصود بالعبادة هنا هي الوظيفة التي لو شرعها الشارع لشرعها لأجل التعبد بها وإن لم يتعلق بها أمر فعلي لخصوصية المورد . ثم إن النهي عن العبادة يتصور على أنحاء : أحدها : أن يتعلق النهي بأصل العبادة ، كالنهي عن صوم العيدين ، وصوم الوصال ، وصلاة الحائض والنفساء . وثانيها : أن يتعلق بجزئها ، كالنهي عن قراءة سورة من سور العزائم في الصلاة .