" الصحة " تقابل العدم والملكة على الأصح ، لا تقابل النقيضين ولا تقابل الضدين . وعليه ، فما له قابلية أن يكون صحيحا يصح أن يتصف بالفساد ، وما ليس له ذلك لا يصح وصفه بالفساد . وصحة كل شئ بحسبه ، فمعنى صحة العبادة مطابقتها لما هو المأمور به من جهة تمام أجزائها وجميع ما هو معتبر فيها ( 1 ) . ومعنى فسادها عدم مطابقتها له من جهة نقصان فيها . ولازم عدم مطابقتها لما هو مأمور به عدم سقوط الامر وعدم سقوط الأداء والقضاء . ومعنى صحة المعاملة مطابقتها لما هو المعتبر فيها من أجزاء وشرائط ونحوها . ومعنى فسادها عدم مطابقتها لما هو معتبر فيها ، ولازم عدم مطابقتها عدم ترتب أثرها المرغوب فيه عليها : من نحو النقل والانتقال في عقد البيع والإجارة ، ومن نحو العلقة الزوجية في عقد النكاح . . . وهكذا . 4 - متعلق النهي : لاشك في أن متعلق النهي - هنا - يجب أن يكون مما يصح أن يتصف بالصحة والفساد ليصح النزاع فيه ، وإلا فلا معنى لأن يقال - مثلا - : إن النهي عن شرب الخمر يقتضي الفساد أولا يقتضي . وعليه ، فليس كل ما هو متعلق للنهي يقع موضعا للنزاع في هذه المسألة ، بل خصوص ما يقبل وصفي الصحة والفساد . وهذا واضح . ثم إن متعلق النهي يعم العبادة والمعاملة اللتين يصح وصفهما بالفساد ، فلا اختصاص للمسألة بالعبادة ، كما ربما ينسب إلى بعضهم ( 2 ) .
( 1 ) هذا بناء على اعتبار الأمر في عبادية العبادة . أما إذا قلنا بكفاية الرجحان الذاتي في عباديتها إذا قصدها متقربا بها إلى الله تعالى - كما هو الصحيح - فيكون معنى صحة العبادة ما هو أعم من مطابقتها لما هو مأمور به ومن مطابقتها لما هو راجح ذاتا وإن لم يكن هناك أمر . ( 2 ) لم نظفر بالناسب ولا بالمنسوب إليه .