حرمة الخروج من المغصوب أو وجوبه : أما الناحية الأولى : فقد تعددت الأقوال فيها ، فقيل : بحرمة التصرف الخروجي فقط ( 1 ) . وقيل : بوجوبه فقط ولكن يعاقب فاعله ( 2 ) . وقيل : بوجوبه فقط ولا يعاقب فاعله ( 3 ) . وقيل : بحرمته ووجوبه معا ( 4 ) . وقيل : لا هذا ولا ذاك ومع ذلك يعاقب عليه ( 5 ) . فينبغي أن نبحث عن وجه القول بالحرمة ، وعن وجه القول بالوجوب ليتضح الحق في المسألة ( وهو القول الأول ) . أما وجه الحرمة : فمبني على أن التصرف بالغصب بأي نحو من أنحاء التصرف - دخولا وبقاء وخروجا - محرم من أول الأمر قبل الإبتلاء بالدخول ، فهو قبل أن يدخل منهي عن كل تصرف في المغصوب حتى هذا التصرف الخروجي ، لأ أنه كان متمكنا من تركه بترك الدخول . ومن يقول بعدم حرمته ، فإنه يقول به لأ أنه يجد أن هذا المقدار من التصرف مضطر إليه سواء خرج الغاصب أو بقي ، فيمتنع عليه تركه ، ومع فرض امتناع تركه كيف يبقى على صفة الحرمة ؟ ولكنا نقول له : إن هذا الامتناع هو الذي أوقع نفسه فيه بسوء اختياره وكان متمكنا من تركه بترك الدخول ، والامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ، فهو مخاطب من أول الأمر بترك التصرف حتى يخرج ، فالخروج في نفسه بما هو تصرف داخل من أول الأمر في أفراد العنوان
( 1 ) نسبه في التقريرات إلى ظاهر بعض الأفاضل في الإشارات ، مطارح الأنظار : ص 155 . ( 2 ) اختاره صاحب الفصول ثم قال : وكأن ما عزي إلى الفخر الرازي من القول بأنه مأمور بالخروج وحكم المعصية جار عليه راجع إلى ما ذكرناه ، الفصول الغروية : ص 138 . ( 3 ) قال به الشيخ الأنصاري على ما في مطارح الأنظار : 153 . ( 4 ) هذا القول منسوب إلى أبي هاشم ، واستقربه المحقق القمي ، قوانين الأصول : ص 153 . ( 5 ) اختاره المحقق الخراساني في كفاية الأصول : ص 204 .