المبحث الثاني إدراك العقل للحسن والقبح بعد ما تقدم من ثبوت الحسن والقبح العقليين في الأفعال ، فقد نسب بعضهم إلى جماعة الأخباريين - على ما يظهر من كلمات بعضهم - إنكار أن يكون للعقل حق إدراك ذلك الحسن والقبح ( 1 ) . فلا يثبت شئ من الحسن والقبح الواقعيين بإدراك العقل . والشئ الثابت قطعا عنهم على الإجمال القول بعدم جواز الاعتماد على شئ من الإدراكات العقلية في إثبات الأحكام الشرعية . وقد فسر هذا القول بأحد وجوه ثلاثة ( 2 ) حسب اختلاف عبارات الباحثين منهم : 1 - إنكار إدراك العقل للحسن والقبح الواقعيين . وهذه هي مسألتنا التي عقدنا لها هذا المبحث الثاني . 2 - بعد الاعتراف بثبوت إدراك العقل إنكار الملازمة بينه وبين
( 1 ) قد تنسب هذه المقالة إلى الأمين الأسترابادي والسيد الجزائري والمحدث البحراني ( قدس سرهم ) ونحن لم نتحقق تلك النسبة ، راجع الفوائد المدنية : ص 129 - 131 ، شرح التهذيب ( مخطوط ) : ص 47 ، الحدائق الناضرة : ج 1 ص 125 - 133 ، المقدمة العاشرة . ( * ) سيأتي أن هناك وجها رابعا لحمل كلامهم عليه بما أولنا به رأي صاحب الفصول الآتي ، وهو إنكار إدراك العقل لملاكات الأحكام الشرعية . وهو وجه وجيه سيأتي بيانه وتأييده . وبه تحل عقدة النزاع ويقع التصالح بين الطرفين .