الصلاة كجلسة الاستراحة - مثلا - فلا يدرى أن فعله كان على وجه الوجوب أو الاستحباب ، فمن هذه الناحية يكون مجملا ، وإن كان من ناحية دلالته على جواز الفعل في مقابل الحرمة يكون مبينا . وأما اللفظ فإجماله يكون لأسباب كثيرة قد يتعذر إحصاؤها ( 1 ) فإذا كان مفردا فقد يكون إجماله لكونه لفظا مشتركا ولا قرينة على أحد معانيه ، كلفظ " عين " وكلمة " تضرب " المشتركة بين المخاطب والغائبة ، و " المختار " المشترك بين اسم الفاعل واسم المفعول . وقد يكون إجماله لكونه مجازا ، أو لعدم معرفة عود الضمير فيه الذي هو من نوع " مغالطة المماراة " ( 2 ) مثل قول القائل لما سئل عن فضل أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقال : " من بنته في بيته " ( 3 ) وكقول عقيل : " أمرني معاوية أن أسب عليا ، ألا فالعنوه ! " ( 4 ) . وقد يكون الإجمال لاختلال التركيب ، كقوله : وما مثله في الناس إلا مملكا * أبو امه حي أبوه يقاربه وقد يكون الإجمال لوجود ما يصلح للقرينة ، كقوله تعالى : * ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار . . . ) * الآية ( 5 ) فإن هذا الوصف في الآية يدل على عدالة جميع من كان مع النبي من أصحابه ، إلا أن ذيل الآية * ( وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما ) * صالح لأن يكون قرينة على أن المراد بجملة * ( والذين معه ) * بعضهم لا جميعهم ، فتصبح الآية مجملة من هذه الجهة .
راجع بحث المغالطات اللفظية من الجزء الثالث من كتاب المنطق للمؤلف ص 483 تجد ما يعينك على إحصاء أسباب إجمال اللفظ . ( 2 ) راجع المنطق للمؤلف ( قدس سره ) : ص 486 . ( 3 ) القائل هو ابن الجوزي كما في الكنى والألقاب : ج 1 ص 237 . ( 4 ) راجع العقد الفريد : ج 4 ص 31 . ( 5 ) الفتح : 29 .