فإن كان المتكلم في مقام البيان على النحو الأول ، فلاشك في أن وجود القدر المتيقن في مقام المحاورة لا يضر في ظهور المطلق في إطلاقه ، فيجوز التمسك بالإطلاق ، لأ أنه لو كان القدر المتيقن المفروض هو تمام الموضوع لوجب بيانه ، وترك البيان اتكالا على وجود القدر المتيقن إخلال بالغرض ، لأ أنه لا يكون مجرد ذلك بيانا لكونه تمام الموضوع . وإن كان المتكلم في مقام البيان على النحو الثاني ، فإنه يجوز أن يكتفي بوجود القدر المتيقن في مقام التخاطب لبيان تمام موضوعه واقعا ما دام أنه ليس له غرض إلا أن يفهم المخاطب ذات الموضوع بتمامه لا بوصف التمام ، أي أن يفهم ما هو تمام الموضوع بالحمل الشائع . وبذلك يحصل التبليغ للمكلف ويمتثل في الموضوع الواقعي ، لأ أنه هو المفهوم عنده في مقام المحاورة . ولا يجب في مقام الامتثال أن يفهم أن الذي فعله هو تمام الموضوع أو الموضوع أعم منه ومن غيره . مثلا ، لو قال المولى : " اشتر اللحم " وكان القدر المتيقن في مقام المحاورة هو لحم الغنم وكان هو تمام موضوعه واقعا ، فإن وجود هذا القدر المتيقن كاف لانبعاث المكلف وشرائه للحم الغنم ، فيحصل موضوع حكم المولى . فلو أن المولى ليس له غرض أكثر من تحقيق موضوع حكمه ، فيجوز له الاعتماد على القدر المتيقن لتحقيق غرضه ولبيانه ، ولا يحتاج إلى أن يبين أنه تمام الموضوع . أما لو كان غرضه أكثر من ذلك بأن كان غرضه أن يفهم المكلف تحديد الموضوع بتمامه ، فلا يجوز له الاعتماد على القدر المتيقن ، وإلا لكان مخلا بغرضه ، فإذا لم يبين وأطلق الكلام ، استكشف أن تمام موضوعه هو المطلق الشامل للقدر المتيقن وغيره . إذا عرف هذا التقرير ، فينبغي أن نبحث عما ينبغي للآمر أن يكون بصدد بيانه ، هل أنه على النحو الأول أو الثاني ؟