نعم ، لو فرض أن العام كان نصا في العموم ، فإنه يكون هو قرينة على المراد من الجملة ذات المفهوم ، فلا يكون لها مفهوم حينئذ ، وهذا أمر آخر . - 10 - تخصيص الكتاب العزيز بخبر الواحد يبدو من الصعب على المبتدئ أن يؤمن لأول وهلة بجواز تخصيص العام الوارد في القرآن الكريم بخبر الواحد ، نظرا إلى أن الكتاب المقدس إنما هو وحي منزل من الله تعالى لا ريب فيه ، والخبر ظني يحتمل فيه الخطأ والكذب ، فكيف يقدم على الكتاب ؟ ولكن سيرة العلماء من القديم على العمل بخبر الواحد إذا كان مخصصا للعام القرآني ، بل لا تجد على الأغلب خبرا معمولا به من بين الأخبار التي بأيدينا في المجاميع إلا وهو مخالف لعام أو مطلق في القرآن ، ولو مثل عمومات الحل ( 1 ) ونحوها . بل على الظاهر أن مسألة تقديم الخبر الخاص على الآية القرآنية العامة من المسائل المجمع عليها من غير خلاف بين علمائنا ، فما السر في ذلك مع ما قلناه ؟ نقول : لا ريب في أن القرآن الكريم - وإن كان قطعي السند - فيه متشابه ومحكم - نص على ذلك القرآن نفسه ( 2 ) - والمحكم نص وظاهر ، والظاهر منه عام ومطلق . كما لا ريب أيضا في أنه ورد في كلام النبي والأئمة - عليهم الصلاة والسلام - ما يخصص كثيرا من عمومات القرآن وما يقيد كثيرا من مطلقاته وما يقوم قرينة على صرف جملة من ظواهره . وهذا قطعي لا يشك فيه أحد . فإن كان الخبر قطعي الصدور فلا كلام في ذلك . وإن كان غير قطعي