لا يغني من الحق شيئا ) * ( 1 ) الدال بعمومه على عدم اعتبار كل ظن حتى الظن الحاصل من خبر العادل . وقد وردت آية أخرى هي : * ( إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا . . . ) * ( 2 ) الدالة بمفهوم الشرط على جواز الأخذ بخبر غير الفاسق بغير تبين . فهل يجوز تخصيص ذلك العام بهذا المفهوم المخالف ؟ قد اختلفوا على أقوال : فقد قيل بتقديم العام ولا يجوز تخصيصه بهذا المفهوم ( 3 ) . وقيل بتقديم المفهوم ( 4 ) . وقيل بعدم تقديم أحدهما على الآخر فيبقى الكلام مجملا ( 5 ) . وفصل بعضهم تفصيلات كثيرة ( 6 ) يطول الكلام عليها . والسر في هذا الخلاف : أنه لما كان ظهور المفهوم المخالف ليس من القوة بحيث يبلغ درجة [ قوة ] ( 7 ) ظهور المنطوق أو المفهوم الموافق ، وقع الكلام في أنه أقوى من ظهور العام فيقدم عليه ، أو أن العام أقوى فهو المقدم ، أو أنهما متساويان في درجة الظهور فلا يقدم أحدهما على الآخر ، أو أن ذلك يختلف باختلاف المقامات . والحق أن المفهوم لما كان أخص من العام حسب الفرض فهو قرينة عرفا على المراد من العام ، والقرينة تقدم على ذي القرينة وتكون مفسرة لما يراد من ذي القرينة ، ولا يعتبر أن يكون ظهورها أقوى من ظهور ذي القرينة .
( 1 ) يونس : 36 . ( 2 ) الحجرات : 6 . ( 3 ) قد ذكروا هذا القول ولم يعينوا قائله ، راجع نهاية الوصول : الورقة 71 ، معالم الدين : ص 140 ، الفصول الغروية : ص 212 . ( 4 ) نسبه صاحب المعالم إلى الأكثر ، وقواه ، معالم الدين : ص 140 . ( 5 ) لم نظفر بمصرح به ، ذكره في التقريرات على وجه الاستشكال ، راجع مطارح الأنظار : ص 210 . ( 6 ) منها التفصيل المنسوب إلى الشيخ الأعظم الأنصاري بين ما إذا كان العموم غير آب عن التخصيص فيقدم المفهوم عليه ، وما إذا كان آبيا عنه فيقدم العموم على المفهوم ، راجع أجود التقريرات : ج 1 ص 501 . ( 7 ) لم يرد في ط 2 .