نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني جلد : 1 صفحه : 192
سبحانه « إن هو إلا وحي يوحى » وكما قال « قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي » قال أبو منصور البغدادي لم يرد الشافعي مطلق السنة بل أراد السنة المنقولة آحادا واكتفى بهذا الإطلاق لأن الغالب في السنة الآحاد قال الزركشي في البحر والصواب ان مقصود الشافعي ان الكتاب والسنة لا يوجدان مختلفين الا ومع أحدهما مثله ناسخ له وهذا تعظيم عظيم وأدب مع الكتاب والسنة وفهم لموقع أحدهما من الآخر وكل من تكلم في هذه المسألة لم يقع على مراد الشافعي بل فهموا خلاف مراده حتى غلطوه وأولوه انتهى ومن جملة ما قيل إن السنة فيه نسخت القران الآية المتقدمة أعني قوله « كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت » الآية وقوله « وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار » وقوله « قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما » الآية فإنها منسوخة بالنهي عن اكل كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير وقوله « حرمت عليكم الميتة » فإنها منسوخة بأحاديث الدباغ على نزاع طويل في كون ما في هذه الآيات منسوخا بالسنة واما نسخ السنة بالقران فذلك جائز عند الجمهور وبه قال بعض من منع من نسخ القران بالسنة وللشافعي في ذلك قولان حكاهما القاضي أبو الطيب الطبري والشيخ أبو إسحاق الشيرازي وسليم الرازي وإمام الحرمين وصححوا جميعا الجواز قال ابن برهان هو قول المعظم وقال سليم هو قول عامة المتكلمين والفقهاء وقال السمعاني انه الأولى بالحق وجزم به الصيرفي ولا وجه للمنع قط ولم يأت في ذلك ما يتشبث به المانع لا من عقل ولا من شرع بل ورد في الشرع نسخ السنة بالقرآن في غير موضع فمن ذلك قوله تعالى « قد نرى تقلب وجهك في السماء » الآية وكذلك نسخ صلحه صلى الله عليه وآله وسلم لقريش على أن يرد لهم النساء بقوله تعالى « فلا ترجعوهن إلى الكفار » ونسخ تحليل الخمر بقوله تعالى « إنما الخمر والميسر » الآية ونسخ تحريم المباشرة بقوله تعالى « فالآن باشروهن » ونسخ صوم يوم عاشوراء بقوله « فمن شهد منكم الشهر فليصمه » ونحو ذلك مما يكثر تعداده المسألة الحادية عشرة ذهب الجمهور إلى أن الفعل من السنة ينسخ القول كما أن القول ينسخ الفعل وحكى الماوردي والروياني عن ظاهر قول الشافعي ان القول لا ينسخ الا بالقول وان الفعل لا ينسخ الا بالفعل ولا وجه لذلك فالكل سنة وشرع ولا يخالف في ذلك الشافعي ولا غيره وإذا كان كل واحد منها شرعا ثابتا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا وجه للمنع من نسخ أحدهما بالآخر ولا سيما وقد وقع ذلك في السنة كثيرا ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم في السارق فان عاد في الخامسة فاقتلوه ثم رفع إليه سارق في الخامسة فلم يقتله فكان هذا الترك ناسخا للقول وقال الثيب بالثيب جلد مائة والرجم ثم رجم ماعزا ولم يجلده فكان ذلك ناسخا لجلد من ثبت عليه الرجم ومنه ما ثبت في الصحيح من قيامه صلى الله عليه وآله وسلم للجنازة ثم ترك ذلك فكان نسخا وثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم صلوا كما رأيتموني أصلي ثم فعل غير ما كان يفعله وترك بعض ما كان يفعله فكان ذلك نسخا وهذا كثير في السنة لمن تتبعه ولم يأت المانع بدليل يدل على ذلك لا من عقل ولا من شرع وقد تابع الشافعي في المنع من نسخ الأقوال بالأفعال ابن عقيل من الحنابلة وقال الشيء انما ينسخ بمثله أو بأقوى منه يعني والقول أقوى من الفعل المسألة الثانية عشرة الاجماع لا ينسخ ولا ينسخ به عند الجمهور اما كونه لا ينسخ فلأن الاجماع لا يكون الا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والنسخ لا يكون بعد موته واما في حياته فالاجماع لا ينعقد بدونه بل يكون قولهم المخالف لقوله لغوا باطلا لا يعتد به ولا يلتفت إليه
192
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني جلد : 1 صفحه : 192