نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني جلد : 1 صفحه : 191
بالوقوع بما ثبت من أهل قباء لما سمعوا مناديه صلى الله عليه وآله وسلم وهم في الصلاة يقول إلا أن القبلة قد حولت إلى الكعبة فاستداروا ولم ينكر ذلك عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأجيب بأنهم علموا بالقرائن واستدل أيضا القائلون بالوقوع بأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يرسل رسله لتبليغ الأحكام وكانوا يبلغون الأحكام المبتدأة وناسخها ومن الوقوع نسخ قوله تعالى « قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه » الآية بنهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن اكل كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير وهو آحاد وأجيب بأن المعنى لا أجد الآن والتحريم وقع في المستقبل ومن الوقوع نسخ نكاح المتعة بالنهي عنها وهو آحاد ونحو ذلك كثير ومما يرشدك إلى جواز النسخ بما صح من الآحاد لما هو أقوى متنا أو دلالة منها ان الناسخ في الحقيقة انما جاء رافعا لاستمرار حكم المنسوخ ودوامه وذلك ظني وان كان دليله قطعيا فالمنسوخ انما هو الظني لا ذلك القطعي فتأمل هذا المسألة العاشرة يجوز نسخ القران بالسنة المتواترة عند الجمهور كما حكى ذلك عنهم أبو الطيب الطبري وابن برهان وابن الحاجب قال ابن فورك في شرح مقالات الأشعري واليه ذهب شيخنا أبو الحسن الأشعري وكان يقول إن ذلك وجد في قوله تعالى « كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين » فإنه منسوخ بالسنة المتواترة وهي قوله لا وصية لوارث لأنه لا يمكن ان يجمع بينهما قال ابن السمعاني وهو مذهب أبي حنيفة وعامة المتكلمين وقال سليم الرازي وهو قول أهل العراق قال وهو مذهب الأشعري والمعتزلة وسائر المتكلمين قال الدبوسي هو قول علمائنا يعني الحنفية قال الباجي قال به عامة شيوخنا وحكاه ابن الفرج عن مالك قال ولهذا لا تجوز عنده الوصية للوارث للحديث فهو ناسخ لقوله « كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت » الآية وذهب الشافعي في عامة كتبه كما قال ابن السمعاني إلى أنه لا يجوز نسخ القرآن بالسنة بحال وان كانت متواترة وبه جزم الصيرفي والخفاف ونقله عبد الوهاب عن أكثر الشافعية وقال الأستاذ أبو منصور اجمع أصحاب الشافعي على المنع وهذا يخالف ما حكاه ابن فورك عنهم فإنه حكي عن أكثرهم القول بالجواز ثم اختلف المانعون فمنهم من منعه عقلا وشرعا ومنهم من منعه شرعا لا عقلا واستدل على ذلك بقوله تعالى « ما ننسخ من آية أو ننسها » الآية قالوا ولا تكون السنة خيرا من القرآن أو مثله قالوا ولم نجد في القرآن آية منسوخه بالسنة الكيا الهراس هفوات الكبار على أقدارهم ومن عد خطؤه عظم قدره قال وقد كان عبد الجبار كثيرا ما ينظر مذهب الشافعي في الأصول والفروع فلما وصل إلى هذا الموضع قال هذا الرجل كبير ولكن الحق أكبر منه قال ولم نعلم أحدا منع من جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد عقلا فضلا عن المتواتر فلعله يقول دل عرف الشرع على المنع منه وإذا لم يدل قاطع من السمع توقفنا والا فمن الذي يقول إنه عليه السلام لا يحكم بقوله في نسخ ما ثبت في الكتاب وان هذا مستحيل في العقل والمغالون في حب الشافعي لما رأوا هذا القول لا يليق بعلو قدره وهو الذي مهد هذا الفن ورتبه وأول من أخرجه قالوا لا بد ان يكون لهذا القول من هذا العظيم محمل فتعمقوا في محامل ذكروها انتهى ولا يخفاك ان السنة شرع من الله عز وجل كما أن الكتاب شرع منه سبحانه وقد قال « وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا » وأمر سبحانه باتباع رسوله في غير موضع في القران فهذا بمجرده يدل على أن السنة الثابتة عنه ثبوتا على حد ثبوت الكتاب العزيز حكمها حكم القران في النسخ وغيره وليس في العقل ما يمنع من ذلك ولا في الشرع وقوله « ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها » ليس فيه إلا أن ما يجعله الله منسوخا من الآيات القرآنية سيبدله بما هو خير منه أو بما هو مثله للمكلفين وما أتانا على لسان رسوله فهو كما أتانا منه كما قال
191
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني جلد : 1 صفحه : 191