نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني جلد : 1 صفحه : 129
وسلم ‹ بعثت إلى الناس كافة › وقوله تعالى « هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم » إلى قوله تعالى « وآخرين منهم لما يلحقوا بهم » قال ابن دقيق العيد في شرح العنوان الخلاف في أن خطاب المشافهة هل يشمل غير المخاطبين قليل الفائدة ولا ينبغي ان يكون فيه خلاف عند التحقيق لأنه اما ان ينظر إلى مدلول اللفظ لغة ولا شك انه لا يتناول غير المخاطبين واما ان يقال إن المحكم يقصر على المخاطبين إلا أن يدل دليل على العموم في تلك المسألة بعينها وهذا باطل لما علم قطعا من الشريعة ان الأحكام عامة الا حيث يرد التخصيص انتهى وبالجملة فلا فائدة لنقل ما احتج به المختلفون في هذه المسألة لأنا نقطع بأن الخطاب الشفاهي انما يتوجه إلى الموجودين وان لم يتناولهم الخطاب فلهم حكم الموجودين في التكليف بتلك الأحكام حيث كان الخطاب مطلقا ولم يرد ما يدل على تخصيصهم بالموجودين المسألة الخامسة عشرة الخطاب الخاص بالأمة نحو يا أيها الأمة لا يشمل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال الصفي الهندي بلا خلاف وكذا قال القاضي عبد الوهاب في كتاب الإفادة واما إذا كان الخطاب بلفظ يشمل الرسول نحو يا أيها الناس يا أيها الذين آمنوا يا عبادي فذهب الأكثرون إلى أنه يشمله وقال جماعة لا يشمله وان لم يكن كذلك كان شاملا له واستنكر هذا التفصيل إمام الحرمين الجويني لأن القول فيهما جميعا مسند إلى الله سبحانه والرسول مبلغ خطابه إلينا فلا معنى للتفرقة وفصل بعض أهل الأصول بتفصيل آخر فقال ان كان الخطاب من الكتاب فهو مبلغ عن الله سبحانه والمبلغ مندرج تحت عموم الخطاب وان كان من السنة فاما ان يكون مجتهدا أو لا فان قلنا إنه مجتهد فيرجع إلى أن المخاطب هل يدخل تحت الخطاب أم لا وان لم يكن مجتهدا فهو مبلغ والمبلغ داخل تحت الخطاب والحق ان الخطاب بالصيغة التي تشمله يتناوله بمقتضى اللغة العربية لا شك في ذلك ولا شبهة حيث كان الخطاب من جهة الله سبحانه وتعالى وان كان الخطاب من جهته صلى الله عليه وآله وسلم فعلى الخلاف الآتي في دخول المخاطب في خطابه وما قيل من أنه لا فائدة في الخلاف في هذه المسألة مدفوع بظهور الفائدة في الخطابات العامة وإذا فعل صلى الله عليه وآله وسلم ما يخالفها فان قلنا إنه داخل في العموم كان فعله تخصيصا وان قلنا ليس بداخل لم يكن فعله مخصصا لذلك العموم بل يبقى على عمومه واما الخطاب المختص بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم نحو يا أيها الرسول ويا أيها النبي فذهب الجمهور إلى أنه لا يدخل تحته الأمة إلا بدليل من خارج وقيل إنه يشمل الأمة روي ذلك عن أبي حنيفة واحمد واختاره إمام الحرمين وابن السمعاني قال في المحصول وهؤلاء ان زعموا ان ذلك مستفاد من اللفظ فهو جهالة وان زعموا انه مستفاد من دليل آخر وهو قوله « وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا » وما يجري مجرى ذلك فهو خارج عن هذه المسالة لأن الحكم عندنا انما أوجب على الأمة لا بمجرد الخطاب المتناول للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقط بل بالدليل الآخر انتهى قال الزركشي وما قالوه بعيد إلا أن يحمل على التعبير بالكبير عن أتباعه فيكون مجازا لا حقيقة وحكى إمام الحرمين أنه قال اما ان ترد الصيغة في محل التخصيص أو لا فان وردت فهو خاص والا فهو عام لأنا لم نجد دليلا قاطعا على التخصيص ولا على التعميم انتهى ولا يخفاك ضعف هذا التفصيل وركاكة مأخذه لان النزاع انما هو في نفس الصيغة وهي خاصة بلا شك فورودها في محل التخصيص لا يزيدها تخصيصا باعتبار اللفظ وورودها في محل التعميم لا يوجب من حيث اللفظ أن تكون عامة فإن كان ذلك في حكم الدليل على العموم فهو غير محل النزاع
129
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني جلد : 1 صفحه : 129