نام کتاب : الأسس المنهجية في تفسير النص القرآني نویسنده : عدي جواد علي الحجار جلد : 1 صفحه : 41
تابعيهم, بالنسبة لمن تلاهم. واقتصر المفسرون فيها على شرح المعاني، مع
الإشارة إلى الناسخ والمنسوخ، بمعناه الأعم الشامل للخاص والعام والمطلق والمقيد,
وأسباب النزول، وما أشبه ذلك، مما كان متداولاً في عصر الصحابة، ولم يعنوا بشرح
دقيق للغة، ودقائق الإعراب، أو نكات البيان، فجمدوا على الدلالة الأولية للنص.
ولعل مرجع
ذلك لقربهم لعصر النص, ولما لهم من ملكة اللغة التي كانت في زمنهم قائمة لم تنحط
إلى درجتها التي وصلت إليها بعدهم، بل كانت علوم اللسان يومئذ غير مدونة وإن كانت
متداولة، إذ كانت معرفتها بالسليقة والفطرة أقرب منها إلى التعلم. ولم تكن هذه
المباحث الدقيقة وقتئذ معدودة في التفسير، ثم تدرجت تبعاً للبعد الزمني عن عصر
الفصحى السليقية, وعصر النص النبوي، لتدخل فيه مباحث استدعتها الحاجة, مواكبة لما
ظهر من التأليف الموسوعي في التفسير الذي جمع أصحابه فيه كل ما روي من التفسير بالمأثور
كتفسير ابن جرير الطبري(ت310هـ)، وتوسع أصحابها في النقل, ثم أخذ التفسير بالمأثور
بالاتساع حتى أكثر المفسرون من نقل الأقوال غثها وسمينها. وهذا يدل على مبلغ ما
دخل في التفسير بالمأثور من الروايات الموضوعة من الإسرائيليات وغيرها، فضمت الكتب
التفسيرية الجم من هذه الروايات من دون تحر لصحة الأسانيد، إذ كان المنهج النقلي
المتبع في التأليف ينتظم إيراد كل ما أثر من الروايات في الآية الواحدة بغض النظر
عن الضوابط التي التزم بها في معالجة الحديث, وأبان ذلك فسح المجال أمام أصحاب
الأغراض المنحرفة والأهواء الزائغة لوضع روايات تفسيرية تخدم تلك الأغراض
والأهواء، كما وتسنّت الفرصة لدخول الإسرائيليات([143]).
وهذه الأمور مما يُفقد الثقة بهذا
النوع من التفسير لعدم توخي الضوابط التي تحصّن العملية التفسيرية فيه, بيد أن
النقول الموثوقة تحتاج إلى دراسة وتمحيص للكشف عن دلالاتها التفسيرية, ولا شك أن
الجمع الدلالي يعوزه الأدوات واللوازم التي تعصم الحركة المعرفية وتتبع دقائقها
لاستخلاص المراد من النص القرآني, إلا أن البعض من المفسرين لم يشأ الأخذ بهذه
اللوازم مفضلاً الجمود على المنقول بدعوى التوقيف في العملية
[143] - ينظر: يوسف عبد الرحمن المرعشلي- مقدمة
تفسير ابن كثير: 1/17-19.
نام کتاب : الأسس المنهجية في تفسير النص القرآني نویسنده : عدي جواد علي الحجار جلد : 1 صفحه : 41