نام کتاب : الأسس المنهجية في تفسير النص القرآني نویسنده : عدي جواد علي الحجار جلد : 1 صفحه : 34
وهذه العملية ليست غريبة في تكون أي علم, فتأسيس العلوم المذكورة آنفاً
مرّ بهذه المراحل من الأخذ من غيرها, لكن دواعي الحاجة إلى الاستقلال كانت أظهر
فيها, إذ أن تاريخ البشرية عموماً يشير إلى أن العلوم تمرّ بمراحل عديدة حتى تنضج
وما تزال تتكامل ما دامت الحياة, بيد أنها تبدأ بمرحلة النقل والتلقي, ثم يلتئم
شتاتها وتبدأ بمشروع البناء, ثم توضع لبنات التأسيس الأولى بعد تحديد الإطار العام
الذي يمكن أن تبني عليه أسسها, لترفع عليه قواعد واسطوانات تكون دعامة للبناء باتجاه
الارتقاء.
فالملاحظ أن هذه العلوم الإسلامية - ككثير
من العلوم - تأتلف من شقين, شق نظري وشق تطبيقي, وذلك ظاهر في الفقه الإسلامي الذي
يمثل الجانب التطبيقي، إذ اكتنفه علم أصول الفقه الذي يمثل الجانب النظري, وكذا
الأمر في علم الحديث، فعلم الدراية الذي يهتم بالرواية تحملاً وأداءً نشأ لمواكبة
الجانب التطبيقي وهو المتعلق بالمتون الحديثية ذاتها, ولا يختلف الحال بالنسبة إلى
النحو وغيره من علوم اللغة, وكما للفقه والحديث واللغة أسس وقواعد نظرية حاكمة على
التطبيقات, فلابد لعلم التفسير ما يحتضنه من الأسس المنهجية، التي تحكم تطبيقاته
التفسيرية, إلا أنها بقيت مبثوثة في ثنايا العلوم الأُخَر, من دون تأسيس مستقل
لعلم التفسير.
و قد
ترك هذا التأخر في التأسيس ثغرة تلج من خلالها الكثير من التعسفات والتمحلات التي
أقحمت في كتب التفسير عن قصد أو غير قصد, تبعاً لاختلاف المناهج والغايات, أو عدم
التحصن بالمنهجية الضابطة للعملية التفسيرية بالنسبة لبعض المفسرين([120]).
فقد مرّت عملية التفسير بمراحل:
أولاً - مرحلة التلقي: وكانت في عصر
الرسول إذ كان صلى الله عليه وآله وسلم هو المفسر الأول، فقد كانت الظاهرة العامة
لعلاقة المسلمين في هذه المرحلة بالحضارة الإسلامية وتفاعلهم معها صلةَ تلقٍ وحفظٍ
وتطبيق. ومن طبيعة التلقي الذي يستلزم التطبيق أن لا يكون فيه التقنين العلمي في
تأصيله وتفريعه وتحليلاته وتأويلاته([121]).
[120] - ينظر: محمد حسين الصغير- المبادئ العامة
لتفسير القرآن الكريم: 113 وعمر بن حماد- أصول التفسير, محاولة في البناء:7.
[121] - ينظر: عبد الهادي الفضلي- خلاصة علم
الكلام: 189.
نام کتاب : الأسس المنهجية في تفسير النص القرآني نویسنده : عدي جواد علي الحجار جلد : 1 صفحه : 34