قيل: من طين قد طبخ حتى صار بمنزلة الآجر([1273]).

4 - بيان وجه أو وجوه للحكمة في آية لم يرد فيها ذكر تمام تلك الوجوه التي تضمنها.إذ قد يجعل الله تعالى شيئاً لحِكَمِ متعددة، فيذكر بعض حكمه في بعض المواضع([1274]), كما في قوله جلّ شأنه:

فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ([1275]).

إذ لم يبين فيها الحكمة في ذكر قصة الحواريين مع عيسى, وقد تبين وجه من وجوهها في سورة الصف([1276]), بأن حكمة ذكر قصتهم هي أن تتأسى بهم أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم في نصرة الله ودينه, وذلك في قوله تعالى:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ([1277]).

5 - بيان حكم أخر لمتعلق أو موضوع في آية, فيكون لذلك الشيء حكم أخر مذكور في موضع أو مواضع أُخَر([1278]), كالحكم باتباع القرينة في قوله تعالى: قوله تعالى:

وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ*وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ*فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ([1279]).

إذ يفهم من هذه الآية لزوم الحكم بالقرينة الواضحة الدالة على صدق أحد الخصمين، وكذب الآخر. لأنه تعالى ذكر هذه القصة في معرض تسليم الاستدلال بتلك القرينة على براءة يوسف عليه السلام , وهو يدل على أن

[1272] - سورة الذاريات: 32-33.

[1273] - ينظر: الطوسي- التبيان: 6/45.

[1274] - ينظر: الشنقيطي - أضواء البيان: 7/443.

[1275] - سورة آل عمران: 52.

[1276] - ينظر: الشنقيطي- أضواء البيان: 1/201.

[1277] - سورة الصف: 14.

[1278] - ينظر: الشنقيطي- أضواء البيان: 2/216.

[1279] - سورة يوسف: 26-28.