هو من باب الغلبة والكثرة, حيث أن
وقوع العداوة من الأزواج أغلب وأكثر من وقوعه من الأولاد, فقدم «الأزواج لأن
المقصود الإخبار أن فيهم أعداء، ووقوع ذلك في الأزواج أقعد منه في الأولاد، فكان
أقعد في المعنى المراد فقدم»([991]).
وهكذا في الموارد الأُخَر من التقديم
والتأخير التي احتملت معاني كثيرة يستجليها المفسر من خلال توظيف ما يتتبعه من
أسباب التقديم والتأخير من خلال التأمل في الأمارات المحيطة بالكلام, ومراعاة
الاعتبار المناسب بحدود ما يستفاد من علمي المعاني والبيان.
الفصل والوصل
الوصل عطف
بعض الجمل على بعض والفصل تركه, أي ترك عطفه عليه, فإذا أتت جملة بعد جملة فالأولى
إما أن يكون لها محل من الإعراب أو لا, وعلى الأول أي على تقدير أن يكون للأولى
محل من الإعراب إن قصد تشريك الثانية لها, أي للأولى في حكمه, عطفت الثانية عليها
أي على الأول ليدل العطف على التشريك. ومن محسنات الوصل بعد وجود المصحح تناسب
الجملتين في الاسمية والفعلية وتناسب الفعليتين في المضي والمضارعة([992]).
ولا شك أن ما
يصنع في الجمل من عطف بعضها على بعض أو ترك العطف فيها، أو تركها منثورة تستأنف
واحدة بعد أخرى من أسرار البلاغة ومما لا يتأتى لتمام الصواب فيه إلا الأعراب
الخلص، وإلا قوم طبعوا على البلاغة, حتى جعلت معرفة الفصل والوصل حداً للبلاغة،
وما
[989] - أحمد بن حنبل - مسند أحمد:4 / 326 ومثله
وفي معناه روي بطرق كثيرة, ينظر: البخاري - صحيح البخاري:4 / 210 ومسلم - صحيح
مسلم: 7 / 141 والبيهقي - السنن الكبرى: 10/ 201 - 202.