فهو وإن كان «ظاهره الخبر، ولكنه
معلوم من مفهوم الخطاب أنه لم يرد به الخبر، لأنه لو كان خبراً لوجد مخبره، فلما
كان في الوالدات من لا يرضع علم أنه لم يرد به الخبر. ولا خلاف أيضاً في أنه لم
يرد به الخبر. وإذا لم يكن المراد حقيقة اللفظ الذي هو الخبر، لم يخل من أن يكون
المراد إيجاب الرضاع على الأم وأمرها به، إذ قد يرد الأمر في صيغة الخبر...»([981]).
وقد يرد عكس ذلك, وهو أن يأتي الأمر
والمراد به الخبر كما في قوله تعالى:
إذ أن معناه: مده الرحمن مداً.
والأمر بمعنى الخبر أبلغ من الخبر لتضمنه اللزوم، نحو: إن زرتنا فلنكرمك. يريدون
تأكيد إيجاب الإكرام عليهم، فالمقصود من ذلك تأكيد الخبر، لأن الأمر للإيجاب يشبه
الخبر في إيجابه([983]).
وهاتان الإفادتان وغيرهما مما يتعلق
بالخبر والإنشاء لا تخرج عن الأسس والقواعد المبتناة عليها التي يوظفها المفسر
لفهم المراد بواسطة معرفة علمي المعاني والبيان لفهم خواص تراكيب الكلام من جهة
إفادتها المعنى, وخواص الكلم من جهة اختلافها بحسب وضوح الدلالة وخفائهابعد
الاعتناء بما يمكن إحصاؤه من المعاني, كورود الخبر بمعنى الإنشاء, أو الإنشاء
بمعنى الخبر, وغير ذلك مما تضمنه القرآن الكريم من النكات البلاغية التي احتملت
وجوهاً تفسيرية, وبذلك يتم استيضاح المعنى المراد مع عدم الخروج عن حدود ما يستفاد
من علمي المعاني والبيان، بعد التأمل