فلا مناص للمفسر من تتبع المَلاحظ
الكنائية ولطائفها, للوقوف على فهم المراد, مع إبقاء الباب مفتوحاً أمام المعاني
التي يمكن أن تحتملها العبارة الكنائية, فربّ ما استوحاه المفسر من العبارة تدفعه
أو تدعمه قرينة في شاهد قرآني آخر, وذلك كما استكشفه كثير من المفسرين في قوله
تعالى:
«واللَّمس
والملامسة كنايتان عن الجماع، قاله ابن عبَّاس، والحسن، ومجاهد، وقتادة»([966]),
وهو ما أورده جملة من المفسرين([967]).
وقد ورد لفظ - لامستم - في القرآن
الكريم بمعنى الجماع، وهو ملحظ كنائي جارٍ على ما استعمله العرب في النص والخطاب
شعراً ونثراً, وعبّروا بالكناية عما لا يريدون ذكره, ومما يدل بظهورهِ على أن
المراد من الملامسة الجماع، ما جاء في القرآن نفسه، فالملامسة التي وردت في قوله
تعالى:
فيفاد معنى الجماع من لفظ لامستم
فيها, من ظهوره في قوله جلّ وعلا, حكاية عن الصديقة مريم عليهم السلام: لَمْ
يَمْسَسْنِي بَشَرٌ([969]), كما عليه مفسرو الإمامية وفقهاؤهم([970]),
وبه ورد التفسير عن أبي جعفر الباقر عليه السلام حيث سئل عن معنى الملامسة فقال:
ما يعني إلاَّ المواقعة دون