ومما وقع
اختلاف فهم المفسرين فيه جراء الاختلاف الاستعارة, وهي لغة: من قولهم، استعار
شيئاً: طلبه عارية([594]).
واصطلاحاً:
عرف بتعريفات عديدة لعل أدقها بأنها: «ما اكتفي فيها بالاسم المستعار عن الأصل,
ونقلت العبارة فجعلت في مكان غيرها. وملاكها تقريب الشبه ومناسبة المستعار له
للمستعار منه, وامتزاج اللفظ بالمعنى, حتى لا يوجد بينهما منافرة, ولا يتبين في
أحدهما إعراض عن الآخر»([595]),
وتكمن دقة هذا التعريف بأنه «أكثر تحديداً, وأدق شمولاً لخصائص الاستعارة الفنية,
وملامحها البيانية»([596]).
فالاستعارة
استعمال لفظٍ لغير ما وضع له لمناسبةٍ بينهما مع قرينة صارفة له عن معناهُ الأصلي
إلى المعنى المراد, فهي مجاز لغوي بُني على التشبيه حتى قيل: أنها ليست إلا تشبيهاً
مختصراً, ولكنها أبلغ, فالفرق بين التشبيه والاستعارة: أن التشبيه صيغة لم يعبّر
عنها, واللفظ المستعار قد نقل من أصل إلى فرع فهو مغير عما كان عليه([597]).
وأركان
الاستعارة ثلاثة: مستعار منه, ومستعار له, ومستعار, وإذا صُرِّح باللفظ الدال على
المشبّه به فهي استعارة تصريحية، وإذا استغني عنه بذكر شيء من لوازمه فهي المكنية([598]).
فمما وقع اختلاف المفسرين فيه
استعارة التعبير بـالختم في قوله تعالى: خَتَمَ
اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ([599])، في كونه من أي أنواع الاستعارة, واختلافهم في ماهية المستعار, وعلى
ذلك ذكر كلّ مفسر للختم معانٍ عديدة محتملة في الآية([600]),
حتى عدَّ لها بعضهم عشرة معانٍمستعارة([601]),
[593] - ينظر: الطوسي-التبيان: 3/101, وتخريج
الحديث: الصدوق - من لا يحضره الفقيه:3 / 360 والبيهقي - السنن الكبرى:6 /57.
[600] - مقاتل بن سليمان- تفسير مقاتل بن سليمان:1/32 والطبري-
جامع البيان:1/163-164 والسمرقندي - تفسير السمرقندي:1/51-52 والثعلبي- تفسير
الثعلبي: 1/150 والطوسي- التبيان:1/63-64 وج1/90 والسمعاني- تفسير السمعاني:1/46-
47 والراغب الأصفهاني- مفردات غريب القرآن:143 والبغوي - تفسير البغوي:1/49
والطبرسي- تفسير جوامع الجامع:1/69 وابن عطية الأندلسي - المحرر الوجيز في تفسير
الكتاب العزيز:1/88 وابن عبد السلام- تفسير ابن عبد السلام:1/101 والبيضاوي -
تفسير البيضاوي:1/143 – 146 وابن كثير - تفسير ابن كثير:1/48/ 49 والسيوطي -
الإتقان: 2/124 وأبو السعود - تفسير أبي السعود:3/181 والطريحي- تفسير غريب
القرآن:/497 والفيض الكاشاني - التفسير الأصفى: 1/13 وج1/93 والشوكاني - فتح
القدير 1/40.
[601] - الرازي- تفسير الرازي:2/49 -52وأبو حيان
الأندلسي- تفسير البحر المحيط:1/172- 176.
نام کتاب : الأسس المنهجية في تفسير النص القرآني نویسنده : عدي جواد علي الحجار جلد : 1 صفحه : 145