فالقرء
مشترك للحيض والطهر بالوضع اللغوي فأوجب هذا الاشتراك إجمالاً([478]), مما جعل
المفسرين يلتجئون للبحث عن القرينة, ولما كان لكل طائفة من الأقوال حديث, فمنهم من
حكم العقل فقال بصحة سلب القرء عن الطهر من دون الحيض, فالقرء يدل على الحيض حقيقة
وعلى الطهر مجازاً للمجاورة - كما فعل الجصاص (ت370 هـ)([479]) - بعد أن
تتبعوا أقوال الصحابة فرأوها مختلفة, وتقصوا أقوال التابعين فوجدوها كذلك,
فالتمسوا فتاوى كبار الفقهاء فأفصحت عن تغاير فيها وفي مداركها, فأدى ذلك إلى سعة
المجال لحركة أذهان المفسرين مما ترتب عليه هذا التنوع في التفسير.
الاختلاف
في المفرد والمثنى والجمع
من الظواهر اللغوية القرآنية مخالفة
الخطاب للمخاطب لحكمة ما في كل مورد بحسبه يمكن أن يتصور لهذه الحكمة وجوهاً
تفسيرية متعددة يترتب عليها تنوع الفهم التفسيري عند المفسرين, يحدوهم بهم اتساع
الاستعمالات اللغوية من جانب ويصدهم قدسية كلام الله تعالى من جانب آخر, مما جعلهم
يتفاوتون في فهم النص القرآني جراء هذه الظواهر وغيرها من الأسباب, فمن تلك
الظواهر إطلاق لفظ موضوع للجمع يراد به المفرد أو موضوع للمفرد ويراد به الجمع,
وقد يطلق المثنى ويراد به الجمع وقد يطلق الجمع ويراد به المثنى, وهذا في كلام
الخطباء ونظم الشعراء معروف، فعند الإطلاق يتعدد احتمال المراد فيكون بمنزلة
المشترك, لاحتمال أن يكون المراد فردا أو أفرادا أو بعض ما تناوله اللفظ,