فالمقصود
بـصَدُقَاتِهِنَّ المهر, فألزم الله تعالى إعطاء المهر, لكنه مطلق من
جهة أنه على نحو الأجرة على البضع أو هو ثمن ومثمن كالبيع والشراء أو على نحو آخر,
فقيّده بقوله نحلة.
ولما كان صدقاتهن نحلة
مركباً من مطلق ومقيد, فإنه دعا المفسرين إلى إنعام النظر والتأمل في المعنى
المراد من خطاب الله تعالى وما هو المقصود بخطابه جلّ وعزّ, فمن تلك التفسيرات,
قولهم:
1 - النحلة: العطية, وهي الهبة من
دون عوض من غير جهة مثامنة([368]).
وذلك أن الاستمتاع مشترك بين الزوجين والزوج ينفرد ببذل المال، فكأنها تأخذه بغير
عوض([369]).
2 - لم يُرد بالنحلة العطية، وإنما
أراد بالنِحلة الانتحال وهو التدين، لأنه يقال: انتحل فلان مذهب كذا أي دان به،
فكأنه تعالى قال: وَآَتُوا النِّسَاءَ
صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً أي تديناً([370]).
3 - النحلة: عطية من الله تعالى في
شرعنا للنساء، لأن في شرع من قبلنا كان المهر للأولياء, وأن لا يحبس الأولياء
المهور إذا قبضوها([371]).
4 - النحلة: عطية من الله تعالى في
شرعنا للنساء، ومراد الخطاب منع المتشاغرين من الشغار([372]),
والالتزام بجعل النكاح بمهر, إلا ما اختص بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم([373]).
5 - إن
النحلة حال من المعطي وهو الزوج, أي يعطيها مهرها كملاً إن دخل بها, ونصفه إن لم
يدخل([374]).
[372]- نكاح الشغار: أن يزوج الرجل ابنته من رجل
على أن يزوجه ابنته، وكلتاهما بغير مهر، وهو من أنكحة الجاهلية التي أبطلها
الإسلام. محمد قلعجي - معجم لغة الفقهاء:263.
[373]- ينظر: الطبري-جامع البيان: 4/321والثعالبي-
تفسير الثعالبي:2/166-170.