وفي هاتين
الآيتين شاهد على صدق الأساس على الأمر الحسي والأمر المعنوي, فالبناء على التقوى
معنوي, والمشبه به وهو البناء على جرف هارٍ أمر حسي. وفي كلا الحالين يعتمد عليه
البناء إذ «على قدر الأساس يكون البناء»([10]),
وهو متقدم عليه زمناً ورتبة, لذا «يقال الأساس أولاً ثم البناء»([11]).
ومن دلالات
هذه المادة واستعمالاتها يمكن أن ينشأ الاصطلاح:
ب - الأسس اصطلاحاً:
قلّما يطلق
على ضوابط التفسير مصطلح الأسس بقدر ما أطلق عليها: أصول التفسير أو
قواعد التفسير, مع أنه بوصفه علماً مستقلاً ما زال في طور جمع الشتات
لتضمه المدونات, كما أن كلمة أسس وإن أطلقت في غير هذا المورد إلا
أنها لم تحظَ بتعريف اصطلاحي بعد الإضافة والتركيب, فلا يكاد يجد الباحث تعريفاً
اصطلاحياً للأسس, ولعل مرجع ذلك يعود للاكتفاء بالمعنى الدلالي اللغوي, الذي يطابق
المعنى الاصطلاحي أحياناً, إلا أن البحث يرى ذلك غير كافٍ, لأن المعنى اللغوي عام,
وأن الاكتفاء بالمعنى العام أنتج التداخل في الدلالة بين الأسس وبين مصطلحي
القواعد والأصول اللذَينِ استهلكا في علوم الشريعة من شدة الابتذال, فوقع الخلط في
الدلالة لدى الاستعمال.
فاستعمل مصطلح القاعدة في النحو, وفي
الفقه وأصوله, والحديث ورجاله, وتجويد القرآن الكريم, كما استعمل مصطلح الأصل
فيها, وتختلف الدلالة من مجال لآخر, أو من مذهب لآخر, بل من عالم لآخر أحياناً,
فيراد به أمراً كلياً تارة كالقاعدة الأصولية, وكلياً إضافياً أخرى, كالقاعدة
الفقهية, أو أخص من ذلك كالقاعدة الرجالية, أو بلحاظ أمر آخر كإطلاق الأصول في
مقابل الفروع, أو لما هو المرتكز المطرد الذي يفهم من الحكم العام أو المطلق, كما
إذا شك في دخول فرد أو انطباقٍ على مصداق, قيل أن الأصل فيه كذا, أو القاعدة فيه
كذا, وكما يطلق الأصل أيضاً على الكتاب كما يقال