وهذه الأحاديث هي المتعينة دون التي ذكرها ابن تيمية في كلامه السابق، لعدة اسباب منها:

أ: ان أبا بكر لم يحتج في السقيفة بكونه أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولو كانت هذه الأحاديث لها حقيقة ومصداقية لما تهاون هو وأصحابه في ذكرها والاحتجاج بها.

ب: إضافة إلى ان أبا بكر وبمجرد أن وصل إلى الكرسي خطب خطبته المشهورة وصرح بعدم أفضليته على احد من المسلمين فضلا عن أفضليته على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه، فقد روى ابن كثير في (السيرة النبوية) عن أبي بكر في خطبته قوله: (أما بعد، أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني...ــ ثم علق ابن كثير بقوله ــ وهذا إسناد صحيح)([870]).

فأيهما نصدق يا ترى كلام أبي بكر على نفسه، وكلام عائشة عليها وعلى أبيها أم كلام ابن تيمية وأكاذيبه؟.

وقد حاول ابن كثير أن يبرر لأبي بكر مقولته هذه واعترافه بأنه ليس من أفضل الصحابة بقوله: (فقوله رضي الله عنه: «وليتكم ولست بخيركم» من باب الهضم والتواضع)([871])، لكن ابن حزم أفحمه بالرد عليه وتكذيب هذا التبرير المضحك بقوله: (فإن قال قائل: إنما قال أبو بكر هذا تواضعاً!! قلنا له: هذا هو الباطل المتيقن، لأن الصديق الذي سماه رسول الله «صلى الله عليه ــ وآله ــ وسلم» بهذا الاسم([872]) لا يجوز

[869] فتح الباري لابن حجر ج 7 ص 19.

[870] السيرة النبوية لابن كثير ج 4 ص 493.

[871] السيرة النبوية لابن كثير ج 4 ص 493.

[872] لقب الصديق هو من الألقاب التي أطلقها النبي الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه، ولكنه سرق منه ونسب إلى غيره مثلما سرقت كثير من ألقابه ونسبت إلى غيره وستأتي الاشارة إلى كثير منها في الصفحات القادمة من هذا الكتاب.