فالحديث ــ كما سنرى لاحقا ــ عن وجود قواعد وشروط مجمع عليها، هو حديث واهم ومكذوب يردده المتأخرون لأجل التعمية على العوام ممن ليس له اطلاع على حال المحدثين وأهل الجرح والتعديل.

من هم المتقدّمون من أهل الجرح والتعديل ومن هم المتأخّرون؟

قد صنف أهل الجرح والتعديل عند أهل السنة إلى قسمين أو طائفتين أطلقوا على الأولى اسم المتقدمين وعلى الثانية اسم المتأخرين، ووقع بين هاتين الطائفتين اختلاف في التقييم وفي المنهج الذي على أساسه يتم جرح الرواة وتعديلهم، وقد بيّن السخاوي في (فتح المغيث شرح ألفية الحديث) أسماء المتقدمين من أهل الجرح والتعديل بقوله: (ولذا كان الحكم من المتأخرين عسرا جدا وللنظر فيه مجال بخلاف الأئمة المتقدمين الذين منحهم الله التبحر في علم الحديث والتوسع في حفظه كشعبة والقطان وابن مهدي ونحوهم وأصحابهم مثل أحمد وابن المدني وابن معين وابن راهويه وطائفة ثم أصحابهم مثل البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وهكذا إلى زمن الدارقطني والبيهقي ولم يجئ بعدهم مساو لهم ولا مقارب أفاده العلائي)([518]).

وقال بدر الدين الزركشي: (قد استشكل الشيخ صلاح الدين العلائي حكايته عن المحدثين وقال «الذي يظهر من كلامهم خصوصا المتقدمين كيحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي ومن بعدهما كأحمد بن حنبل وعلي بن المديني ويحيى بن معين وهذه الطبقة ومن بعدهم كالبخاري وأبي زرعة وأبي حاتم الرازيين ومسلم والترمذي

[518] فتح المغيث شرح ألفية الحديث للشيخ شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي ج1 ص255 ــ256.