إن الحديث عن مسألة تحيز محدثي أهل السنة وازدواجيتهم في تعاملهم مع أحاديث الفضائل الخاصة بأهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين لا يمكن أن يستغني عن الحديث والبحث في القواعد التي خطها القوم وجعلوها منهجا وقانونا في تصحيح الأحاديث النبوية أو إعلالها عموما وأحاديث الفضائل خصوصا.

وقد اتضح لي ومن خلال النظر والتدقيق في كلمات أئمة الحديث من أهل السنة، ومن خلال المقارنة بين أقوال بعضهم مع بعضهم الآخر، أن القوم ليس عندهم كلمة جامعة، ولا قانون محدد يتعاملون به مع الأحاديث النبوية، فقد اختلفوا في كل شيء، ولا تجد قاعدة واحدة من قواعد الجرح والتعديل قد تم التوافق والإجماع عليها من الجميع.

وليت ان اختلافهم قد توقف على قواعد علم الحديث ولم يسر على كل مسألة من مسائل هذا العلم حتى توثيق الرجال وتضعيفهم، لانك لا تجد شخصا قد تم الإجماع من اهل الجرح والتعديل على وثاقته أو على ضعفه إلا نادرا، لان الراوي الواحد ربما صيره البعض أوثق الثقات وإماماً من الائمة، بينما يصيره البعض الآخر كذابا يسرق الحديث ويدلس ولا يحل إخراج رواياته.

فضلاً على ذلك ازدواجية الشخص الواحد نفسه من اهل الجرح والتعديل وائمة الحديث في تعامله مع الرواية الواحدة او الراوي الواحد، فتجد احدهم يتضارب ويتناقض قوله في الرواية فيضعفها ويسقطها عن الاعتبار في كتاب من كتبه، لكنه يوثقها ويقويها في كتاب آخر له ايضا، وربما حكم على رجل معين بالضعف والكذب والتدليس، لكنه في موضع آخر من نفس كتابه او في كتاب آخر من كتبه يوثقه ويقويه ويعظم شأنه ومنزلته، كما فعل ابن حبان وغيره.

وهذا التضارب والتناقض في مسألة تقعيد القواعد وتأصيل الأصول في توثيق الرجال وقدحهم هو محور حديثنا في هذا الفصل إن شاء الله تعالى.