2: إن الاختلاف في العدد الحقيقي لأحاديث كتاب صحيح مسلم يعود بالتأكيد إلى الإحصاء الذي كان يقوم به كل شخص بحسب زمانه وظرفه، وهو يعكس مقدار ما تم حذفه واختزاله من الأحاديث في هذا الكتاب، ففي زمن مسلم النيسابوري والمتوفى في سنة (261 للهجرة) كان عدد أحاديث الكتاب هو اثني عشر ألف حديث، أما في زمن أبي حفص الميانشي المتوفى في سنة (581 للهجرة) فقد كان العدد هو ثمانية آلاف حديث، وفي وقتنا الحالي بلغت وكما أحصاها محمد فؤاد عبد الباقي ثلاثة آلاف ومائة وسبعين حديثا مع المكرر، وهو فرق مهول وخطير في الوقت نفسه، وهو يعني ان يد التلاعب والتزوير قد حذفت ما يقارب التسعة الآلاف حديث من هذا الكتاب، وسيأتي في الفصل الرابع إن شاء الله تعالى ان واحداً من الأحاديث التي حذفت هو حديث (خير نساء العالمين أربع مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد) وعلى هذا الحديث فقس ما سواه، ومنه يتضح نوع الأحاديث التي تم حذفها والتلاعب بها، فكل حديث لا يرضيهم ويخالف عقيدتهم ويكشف سرا لا يحبون كشفه فانه يتم حذفه.

3: حاول الذهبي في كتابه (سير أعلام النبلاء) التوفيق ما بين قول احمد بن سلمة الذي اعترف فيه بأن عدد أحاديث كتاب مسلم هو اثنا عشر ألف حديث، وما بين ما هو موجود في عصره، بأن عدد الاثني عشر ألف حديث يشمل الأحاديث المكررة، وفيما يأتي نص كلامه: (قال أحمد بن سلمة: كنت مع مسلم في تأليف «صحيحه» خمس عشرة سنة. قال: وهو اثنا عشر ألف حديث. قلت: يعني بالمكرر، بحيث إنه إذا قال: حدثنا قتيبة، وأخبرنا ابن رمح يعدان حديثين، اتفق لفظهما أو اختلف في كلمة)([403]).

[403] سير أعلام النبلاء للذهبي ج 12 ص 566، وراجع تاريخ الإسلام للذهبي ج 20 ص 186.