الحلال والحرام([3])،
ورفع لأعظم شعار مذهبي، وما زالت تجتني الشيعة من فوائده، ما يحفظ كيانهم، ويثبت
عقائدهم([4]).
فعلمت من
أين جاءت هذه البليّة، التي تقضي - إن تمّت - على حياة الشيعة، وتيقّنت أن كيد
المموّهين والمنافقين، وخاصة أفراد (الجمعية الأموية) - ذلك الكيد الذي لا ينطلي
إلا على السذّج والبسطاء - قد أوقع هذا الرجل بإشراكه، فأفتى ومنع وقذف وضلّل ولفق
أموراً ليس لها مقبل في ظل الحقيقة([5])،
بل هي «كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده».
كنت أجد لي
فيما كتبه وأفتى به علماؤنا الأعلام في هذه الأيام، وطبع مُلحقاً برسالة في هذا
الشأن لمعاصرينا الفاضل الشيخ محمد جواد الحجامي
[3] لا أدري كيف سمح البعض لأنفسهم بوصف ما يقوم به الشيعة
من إقامة الشعائر الحسينية بأنه بدعة يجب التخلص منها؟! وهو بين أمرين لا ثالث
لهما.. .
إما
أن تكون هذا الشعائر بمعزل عن أسماع العلماء واطلاعهم وعدم درايتهم بما يجري، وهذه
القضية لا تتعدى عن غفلة هؤلاء الأعلام وعدم علمهم بما يجري في أوساط الأمة، وهذا
بعيد أن يتعقله أحد من هؤلاء ومن غيرهم.
وإما
اتهام هؤلاء العلماء ــ بعد فرض معرفتهم بقيام هذه الشعائر الحسينية في أوساط
الشيعة ــ بالضلال والإضلال، إذ من شأن العالم قول كلمة الحق مهما كلفته من ثمن،
وكم حدثنا التأريخ بتضحيات علمائنا من أجل تثبيت مبدأ حق، أو إظهار كلمة هدى.
وأعجب
من ذلك ما سمعت من أحدهم أن العلماء يخشون من العامة فلا يقوون على التحدث عن
النهي عن هذه الشعائر، وهذه التهمة أعظم من سابقاتها، إذ اتهام العالم بالخوف على
مكانته بين العوام حتى مع الباطل من أوجع ما سمعناه من تهمٍ وتوهين لعلمائنا زاد
الله في شرفهم وأعلى درجاتهم.
[4] أجل، فقد جنى الشيعة من هذه الشعائر أعظم ما كان يتصوره
الآخرون، إذ هي حفظت كيانهم من التشرذم والضياع في خضمّ ما واجه الشيعة من ظلم
وحيف أدى بالكثير منهم إلى الشهادة والتشريد، وبقيت هذه الشعائر سبباً لاجتماعهم
مهما كانت أسباب التشريع والمطاردة، إلا أنها المظلة التي يستظل بها جموع الشيعة
في كل محنة من محنهم، وهم اليوم ــ بحمد الله تعالى ــ باتت هذه الشعائر مصدر قوة
لهم، لا ينفكّون عنها بأي حال.
[5] من المؤسف أن بعضهم ــ على بساطة منه وسذاجة في طريقته
ــ تبهره شعارات هؤلاء المشككين، الذين يحاولون استغلال غفلة البعض، أو حسن
نواياهم، لينفذوا من خلال ذلك إلى تنفيذ أهدافهم ومكائدهم، وكم رأينا ممن يغتر
(بحداثة) هؤلاء واستنكارهم على الشعائر، بحجة أنهم قادرون على تشخيص الواقع،
ومعرفة كل ما يناسب وما لا يناسب الوضع المُعاش، وأمثال هذه الحداثوية الزائفة
التي تغرر بالبعض.