التذكار الحسيني المحزن، وكفى به جالباً للوجد
القلبي، ومثيراً للبكاء المقرح، إذ انتهى إليّ عدد من جريدة (الأوقات العراقية)
التي تصدر في البصرة، وفي مفتتحها مقالة ينقل صاحبها عن رجل من فضلاء أهل العلم([2])،
قطن البصرة منذ شهور، يدعى (السيد مهدي) أنه منع من تمثيل تلك الفادحة الكبرى
والمصيبة العظمى، ومن خروج مواكب الرجال يضربون صدورهم بأيديهم في الأزقة والجوادّ
العمومية، فقلت هذه المصيبة الثالثة، وما هي بأهون من الأولتين.
ثم تواترت
الكتب والرسل من البصرة إلى مراكز العلم في النجف، وهي ما بين عاذل وعاذر، محبّذٍ
لهذا المنع ومستاءٍ منه، فشممت من ذلك روح الأغراض الشخصية بين فئتين، فأعرضتُ
وقلت: فورةٌ لا مساس لها بالمذهب، سوف تسكن.
ثم ما عتمت
إلا وقد أرسلت بعد أيام من البصرة مقالة مطبوعة من مزخرفات ذلك الرجل الفاضل، مزج
فيها بين الحق والباطل، ونسب الفرقة الجعفرية - في إقامة التذكارات الحسينية ببعض
مظاهرها - إلى الإبداع، والقيام بأفعال وحشية همجية.
وفي هذا
تضليل للسلف الصالح من العلماء الأعلام، والقُوّام على
[2] يعجبني أدب المؤلف في التعامل مع مناوئيه، إذ لم يذكر
السيد مهدي بكلمة سوء على طول الكتاب وعرضه، وأدب الحوار هذا مما امتاز به أئمة
أهل البيت عليهم السلام مع أعدائهم ومخالفيهم، ليوصلوهم إلى جادّة الحق، وهي روح
امتاز بها أهل البيت عليهم السلام ورّثوها لشيعتهم ليؤسسوا لهم مباني الحوار
المبني على إظهار الحقائق وهدي الآخر، من دون اللجوء إلى أسلوب الشتم والتكفير،
كما يفعله معهم بعضهم، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.