الموافقة في السيلان، فالمقصود إسالته مواساة
لهم أولى بالمحبوبية.
إن التأسي
بالحسين عليه السلام مندوب إليه، وقد رغب فيه الغلام الزكي يحيى بن زكريا والصادق
الوعد إسماعيل، كما في الخبر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إن إسماعيل الذي
قال الله عز وجل في كتابه: (واذكر في الكتاب إسماعيل) لم يكن إسماعيل بن إبراهيم،
بل كان نبياً من الأنبياء، بعثه الله عز وجل إلى قومه، فأخذوا فروة رأسه ووجهه،
فأتاه ملك، فقال: إن الله جل جلاله بعثني إليك، فمرني بما شئت فقال لي: بما يصنع
بالحسين عليه السلام أسوة)([94]).
بل روي أن
غنمه التي كانت ترعى في شاطئ الفرات لما امتنعت من ورود الماء وسألها عن سبب
الامتناع قالت: هذه المشرعة يقتل عليها الحسين عليه السلام، فنحن لا نشرب منها
مواساة له([95]).
وقد روي امتناع بعض الأئمة من شرب الماء يوم عاشوراء
مواساة للحسين عليه السلام.
وورد في صومه: لا تجعله صوم يوم كامل، ولكن أفطر بعد
الزوال بساعة على شربة ماء، فعندها تجلت الهيجاء عن آل الرسول([96]).
وكان موسى
بن جعفر عليه السلام إذا دخل شهر محرم لا يُرى ضاحكاً، وكانت الكآبة تغلب عليه،
حتى تمضي عشرة أيام، فإذا كان يوم العاشر كان يوم مصيبته وحزنه وبكائه([97]).
فهذه
الرموز تشير إلى استحباب مواساة الحسين، بتحمل العطش وبإدماء الرأس، وبكل ما يكون
مصداقاً لها، سوى القتل.
وإنما خص
الرأس بالإدماء لأن المواساة لا تصدق الآن عرفاً بإدماء غيره.
وربما
يستأنس لهذا بما ورد من التوبيخ على ترك زيارته عند الخوف، بناء على ما يذهب إليه
صاحب (الخصائص الحسينية) من شمول