وفي غيره
قال: سمعت أبا ذر - وهو يومئذ قد أخرجه عثمان إلى الربذة - فقال الناس: يا أبا ذر
أبشر، فهذا قليل في الله، فقال: أيسر هذا، ولكن كيف أنتم إذا قتل الحسين بن علي
قتلاً؟ أو قال: ذبح ذبحاً، وإن الله سيسلّ سيفه على هذه الأمة، لا يغمده أبداً،
ويبعث ناقماً من ذريته فينتقم من الناس، وإنكم لو تعلمون ما يدخل على أهل البحار
وسكان الجبال في الفيافي والآكام وأهل السماء من قتله لبكيتم - والله - حتى تزهق
أنفسكم).
ومن الأدلة
على ذلك - مضافاً إلى ما سلف، وإن كان فيه غنىً وكفاية - ما دلّ على إدماء الله
كثيراً من أنبيائه، لأجل أن يحصل لهم الفوز بدرجة المواساة للحسين عليه السلام.
فمن ذلك
المروي في (البحار) و(الأنوار) أن آدم عليه السلام لما انتهى في طوافه في الأرض
إلى كربلاء عثر في الموضع الذي قتل فيه الحسين عليه السلام، حتى سال الدم من رجله([91]).
وكذلك
إبراهيم عليه السلام، لما مرّ بها عثر فرسه فسقط وشجّ رأسه وسال دمه([92]).
وكذلك موسى
عليه السلام حين جاء كربلاء انخرق نعله، وانقطع شراكه، ودخل الحسك في رجليه وسال
دمه([93]).
وكل هؤلاء
لما ذعروا من ذلك، وخشوا أن يكون ذلك لذنب حدث منهم، أوحى الله إلى كل واحد منهم
أن لا ذنب لك، ولكن يقتل في هذه الأرض الحسين بن علي عليه السلام، وقد سال دمك
موافقة لدمه.
فإن في هذا
الإعثار والإدماء من الله لا عن ذنب، والتعليل بكونه موافقة لدم الحسين، دلالة
جليّة على جواز إدماء الإنسان نفسه مواساة له، لأن سيلان دمائهم - مع كونه غير
مقصود لهم - إذا كان محبوباً لمجرد