في نفي أو إثبات إليها،
وما تضر الوثبات من فئات لم تُبْنَ سائر أعمالهم العبادية والعادية على الخشوع
والاستكانة، هؤلاء الزوار من الأعراب يجتمعون موكباً كبيراً، يتواثبون ويزعقون
وينشدون من الشعر الدارج بلغتهم، المسمّى عند العامة (هوسة)، وهي بلحنها مهيّجة للشعور،
متضمنة لنحو..
* يحسين اشرب ماي
عيوني *
وشبهه،
فتطير القلوب لهم فرحاً، ويلقون من كل أحد الترحيب بهم، والارتياح إلى هيئتهم
المنكرة بزعم هذا الرجل، لأنّها وثبات وزعقات.
بالله
عليك، أي فرق بين مواكب زائري سيد الشهداء، الذين يختلط بهم مثل الوحيد البهبهاني،
أستاذ الكلّ في الكلّ، وهو لا يعرف ما يقولون بمادته ولحنه، وبين مواكب اللطم في
نفس الوثبات والزعقات، التي أنكر الكاتب عليها؟!.
اللهم أني
لا أجد فرقاً بين وثبات الموكب وبين الهرولة في السعي، إن لم تكن تلك أهون، ولا
بين التلبية وبرفيع الصوت وبين ألحان المواكب.
ومن
المواكب..
موكب السلاسل
وهو يتألف
من جماعة من الرجال، مكشوفي الظهور والرؤوس فقط، بأيديهم سلاسل الحديد، يضربون
ظهورهم بها بدل الأيدي، عليهم الثياب السود، وأمامهم وخلفهم الأعلام المسودة،
يمشون بهدوء وسكون، لا يتواثبون ولا يزعقون، ينشدون - وهم بتلك الحال - أناشيد
الحزن، ويخرجون صفوفاً متكاتفة، مخترقين الأزقة والجوادّ العمومية([72]).