وذلك أنَّ
النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمّا هاجر من مكّة ومعه أبو بكر وعامر بن فهيرة
ودليلهم عبد الله بن أُريقط اللّيثي فمرُّوا على أُمّ معبد الخزاعيّة وكانت امرأة
برزة تحتبي([138]) وتجلس بفناء الخيمة فسألوا تمراً ولحماً
ليشتروه فلم يصيبوا عندها شيئاً
من ذلك وإذا القوم مرملون فقالت: لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القرى فنظر رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم في كسر خيمتها([139])
فقال:
ما هذه الشّاة يا أُمّ معبد؟
قالت: شاة
خلّفها الجهد عن الغنم، فقال:
هل بها من لبن؟
قالت: هي
أجهد من ذلك، قال:
أتأذنين لي أن
أحلبها.
قالت: نعم
بأبي أنت وأُمّي إن رأيت بها حلباً فاحلبها([140])
فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالشاة فمسح ضرعها([141])
وذكر اسم الله وقال:
اللّهمَّ
بارك في شاتها، فتفاجت([142])
ودرَّت فدعا رسول الله بإناء لها يريض الرَّهط([143])
فحلب فيه ثجّاً حتّى علته الثّمال([144])
فسقاها فشربت
[137]
مناقب آل أبي طالب عليه السلام لابن شهر آشوب: ص80، صحيح البخاري: ج3، ص15، كتاب:
البيوع، باب: قول الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا.
[138]
الاحتباء: الاشتمال بالثوب. أي جمع بين ظهره وساقيه بالثوب أو نحوه.
[139] قال الجوزي:
في حديث أم معبد فنظر إلى شاة في كسر الخيمة أي جانبها.