إنّ الإنسان في ظلّ الرواية الصحيحة لحياة النبي يجد نفسه أمام أعظم آيات الله عظة وعبرة، أمام طريقة حياة تفيض بالنبل والكرامة والعدل والتوحيد في كلّ مجالاتها وحقولها أمّا في ظل الرواية الموضوعة المحرّفة فيجد نفسه أمام إنسان مثله لا يختلف عنه في هفواته، بل قد يجد في سيرة النبي ما يترفّع عنه شخصيا، أو يجد في أصحاب ذلك النبي من هو أرجح منه موقفا وسلوكا، ومن الطبيعي جداً أن لا تحرّكه هذه السيرة المحرّفة، إذ لا فرق بينه وبين صاحبها إلاّ في ناحية نزول كتاب الله عليه، غير أنّه لم يؤثّر فيه الأثر البالغ، بخلاف السيرة الصحيحة حيث تعمل دائما على تحريكه نحو الله تعالى وبأعلى الدرجات([23]).

رابعاً: تحريف أخبار سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم

تعرّض تاريخ خاتم الأنبياء وسنّته من بعده للتحريف، وهي حقيقة لا يشك فيها أحد؛ ذلك لأنّنا لو رجعنا إلى المصادر المعتبرة لدى المسلمين حول تاريخ النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسنّته لوجدنا الروايات مختلفة ومتناقضة في وصف كثير من الوقائع التاريخية أو السلوكية للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهذا التناقض والاختلاف واسع وكبير إلى درجة أنّنا نستطيع أن نكوّن من مجموع هذه الأخبار صورتين متناقضتين للنبي صلى الله عليه وآله وسلم سواء في جانب تاريخه أو في جانب طريقته في الحياة وسنّته.

[23] المصدر السابق نفسه.