نام کتاب : تكسير الأصنام بين تصريح النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعتيم البخاري نویسنده : السيد نبيل الحسني جلد : 1 صفحه : 73
ويقول الكلبي:
(إنّ إسماعيل
بن إبراهيم عليهما السلام لما سكن مكة ولد له بها أولاد كثير حتى ملأوا مكة ونفوا
من كان بها من العماليق، ولما ضاقت عليهم مكة وقعت بينهم الحروب والعداوات وأخرج
بعضهم بعضاً فتفسحوا في البلاد والتماس المعاش.
وكان الذي
سلخ بهم إلى عبادة الأوثان والحجارة أنه كان لا يظعن من مكة ظاعن إلا احتمل معه
حجرا من حجارة الحرم، تعظيما منهم بها وصبابة بالحرم فحيثما حلوا وضعوه وطافوا به
كطوافهم بالكعبة تيمنا منهم بها وصبابة بالحرم وحبا له، وهم بعد يعظمون الكعبة
ومكة، ويحجون ويعتمرون على إرث إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام.
ثم سلخ ذلك
بهم إلى أن عبدوا ما استحبوا، ونسوا ما كانوا عليه، واستبدلوا بدين إبراهيم وإسماعيل
غيره، فعبدوا الأوثان، وصاروا إلى ما كانت عليه الأمم من قبلهم)([164]).
إلا أن هذا التحول لم يكن ــ كما أسلفنا ــ سببه الوحيد
رمزية الكعبة في نفوس العرب عموماً والمكيين خصوصاً، وإنما لمدخلية الأسطورة في
ظهور الوثنية ــ كما هو شأنها دائما في معتقدات الشعوب ــ وهذه المرة على يد عمرو
بن لحي (فكان أول من غير دين إسماعيل عليه السلام فنصب الأوثان، وسيب السائبة ووصل
الوصيلة، وبحر البحيرة، وحمى الحامية).
ولقد استفاد عمرو بن لحي من جده
لأمه (الحارث) فقد (كان الحارث هو الذي يلي أمر الكعبة، فلما بلغ عمرو بن لحي،
نازعهُ في الولاية وقاتل جرهما ببني إسماعيل، فظفر بهم وأجلاهم عن الكعبة ونفاهم
من بلاد مكة، وتولى حجابة البيت بعدهم.
ثم أنه مرض مرضاً شديداً فقيل له: إنّ بالبلقاء من الشأم
حَمّةً إن أتيتها برأت، فأتاها فاستحم بها، فبرأ ووجد أهلها يعبدون الأصنام، فقال:
ما هذه؟
فقالوا نستسقي
بها المطر، ونستنصر بها العدوّ فسألهم أن يعطوه منها، ففعلوا، فقدم بها مكة ونصبها
حول الكعبة)([165]).