ولما كان نوع الإنسان محتاجا إلى اجتماع مع آخر من بني جنسه في إقامة معاشه
والاستعداد لمعاده، وذلك الاجتماع يجب أن يكون على شكل يحصل به التمانع والتعاون
حتى يحفظ بالتمانع ما هو أهله ويحصل بالتعاون ما ليس له فصورة الاجتماع هذه على
الهيئة هي الملة، والطريق الخاص الذي يوصل إلى هذه الهيئة هو المنهاج والشرعة)([14]).
المسألة
الثانية: الاتجاهات المعاصرة لبيان معنى الدين وفهمه
هناك
اتجاهات ثلاثة معاصرة ظهرت في الساحة الفكرية بين المدارس الشرقية والغربية لتنقل
فهمها عن الدين وبيان معناه، وذلك حسب الآتي:
أولاً:
فكرة الدين بمنظار رأسمالي برجوازي
يندرج هذا
الاتجاه في ضمن معطيات ثقافية مستمدة من تجرد أصحابها من الاعتقاد بوجود الله عزّ
وجل، ومن ثم أخذت تبحث عن البديل في فهم ما يختلج في عقل الإنسان وانقياد فطرته
إلى اللجوء إلى القوة المدبرة لهذا الكون، ولذا؛ حينما انحصر هذا الفهم في المادة
ظل الفهم يدور في فلكها فنتج عنه تصورات ــ فاسدة ــ عن الدين الذي ينقاد له العقل؛
بمعنى: أن لهذا الكون مدبراً واحداً وهو الله تعالى.
أما أول من طرح هذا المجال (فهو توماس غوبس ــ 1588،
1679م) فكوّن فكرة عن جوهر الدين مفادها: أنه يقوم على اختلافات تطلقها الدولة،
أما التلفيقات الصادرة عن غير الدولة فهي مجرد خرافات.
وإن أفكاراً مماثلة أطلقها (بينيد يكت) (1622 ــ 1677)
تقول: إن جذور الدين كامنة في عدم ثقة الإنسان بقواه وفي تقلبه الدائم بين الأمل
والخوف.
وقدم (جون تولاند) في أوائل القرن الثامن عشر (عرضاً
مفاده، أن