العامة،
لوجود الروابط الإسلامية بينها وبين الدولة العثمانية، هذه الروابط المقدسة كانت
هي العائق الأكبر الذي حال دون تحقيق قفزات سريعة لأفكار القوميين العرب، الداعية
للانفصال عن الدولة العثمانية، لذلك أستخدم أسلوب وسطي مناسب لتلك المرحلة، فدعا
القوميون إلى (اللامركزية في الحكم) (كتكتيك) مرحلي مؤقت، يفتح آفاق الانفصال
التام بعد تقدم الاتحاديين في سياستهم بشكل أوسع، كمبرر لانفصالهم، وكذلك لتكتمل
الخطة المرسومة في الدوائر الغربية من كل جوانبها، حتى تتمكّن من السيطرة على وضع
القوميين العرب بشكل يدركون أن قوتهم ومصيرهم بالارتباط التام بأسيادهم الغربيين.
لذلك «نشأت
ضمن إطار البيئة الإسلامية مدرسة فكرية جديدة نادت بإيجاد حل للقضية العربية على
أساس تكوين إقليم عربي يتمتع بالحكم الذاتي ضمن إطار (دولة) عثمانية لا مركزية.
وقد تكونت هذه المدرسة خارج التيار الرئيس للفكر القومي العربي، وكبديل لدعوته
الرامية إلى الانفصال.. إلا أنها ساهمت بصورة غير مباشرة في خدمة الحركة القومية
من خلال جذبها الغالبية العظمى من السكان الذين كانوا قد رفضوا ربط أنفسهم بالحركة
القومية الانفصالية بسبب رابطتهم الدينية، وقد رحب هؤلاء بالاتجاه الجديد للحركة
القومية المنادي بمبدأ العلاقات اللامركزية ضمن الإطار العام للمجتمع الإسلامي
القائم»([161]).
وعليه فقد
انعكست تطورات الحركة القومية العربية في سوريا ومصر وبيروت، على الساحة العراقية
عبر الصحف القادمة من هناك، والتطورات السياسية المشهودة أيضاً. فإذا كانت الصحف
الإيرانية والهندية تؤثر على المسلمين الشيعة ومدنهم وكذلك بغداد أكثر من غيرها من
مناطق العراق، فإن الصحف السورية والمصرية مثل (العروة الوثقى) و(المقطم)
و(المقتطف) و(المقتبس) كانت تؤثر على الساحة العراقية بشكل أوسع حيث إنها كانت
تقرأ في كربلاء والنجف كما تقرأ في بغدادوالموصل.
ولم تقتصر
الانعكاسات على العرب في العراق،! بل شملت الأكراد والقوميات الأخرى أيضاً، كنتائج
طبيعة لردود الفعل اتجاه سياسة الاتحاديين القومية. إلا أننا سنلاحظ عبر تطور
الأحداث في العراق كيف تنبري رايات الجهاد الإسلامي، ضد القوى الأجنبية الغازية
لبلاد المسلمين، حيث سيقف العلماء المجاهدون في وجه التيارات المعارضة للإسلام،
ببث الوعي الحركي والثقافة الهادفة لانتشال الأمة من قبضة المستعمرين.