الأساسية التي
اعتمدتها الدوائر الغربية في إنهاء الدولة العثمانية هي مؤامرة الحركة القومية
التركية (الطورانية)، واعتمدت في غرس ونشأة هذه الحركة على علماء الغرب المنتشرين
في مؤسسات الأستانة من روس، وفرنسيين ويهود (الدونمة) سلانيك..»([119]).
فقد جاء في
أحد منشورات تركيا الفتاة «إن هذه البدعة
الخيالية المخيفة، التي يسمونها الأمة الإسلامية، التي ظلت إلى أمد طويل سداً يحول
دون التقدم بوجهٍ عام، ودون تحقيق الوحدة الطورانية بوجه خاص، هي في طريقها إلى
التفكك والزوال»([120]). وعليه، فقد كانت حلقات التآمر على الدولة
العثمانية والشعوب الإسلامية، مستمرة ضمن مسلسل متكامل، حلقته الأولى كانت بإثارة
القومية التركية بالذات، لأن الأتراك حسب الظاهر المعلن هم أصحاب السلطة الإسلامية
- آنذاك - بينما جاءت إثارة القومية العربية، والقومية الكردية فيما بعد، ضمن
الحلقات الأخرى. وكان الاستعمار يستهدف الدولة العثمانية بالدرجة الأولى، فنجاحه
بإثارة القومية التركية، كبديل عن الإسلام، للنهضة والتقدم، يضمن النجاح في
القوميات الأخرى، وعلى رأسها القومية العربية لما تملك من تاريخ إسلامي حافل
بالمواقف، خاصة في عصر صدر الإسلام، كما أن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم،
بالإضافة إلى ما تملكه بلاد العرب من خيرات وثروات. لذلك، وبعد ثورة الاتحاديين
عام 1908م «كانت كلمة (بيس عرب) (عربي قذر)، يسمعها
العربي أينما سار في الأستانة»([121]). فإذن هو مخطط يهودي دقيق غايته الانقضاض
على الإسلام والمسلمين «وتبرز الوثائق
المعاصرة من أن أصحاب العقول المحركة لثورة الاتحاد والترقي هم اليهود الدونمة
والدول الأجنبية على حد قول: () ويؤكد لوثر () السفير البريطاني في الأستانة هذه الحقيقة بـ (أن جمعية الاتحاد
والترقي تبدو في تنظيمها الداخلي تحالفاً يهودياً - تركياً مزدوجاً).. ويذكر أرنست
رامزور (.)، ومحمد رشيد رضا، وجواد رفعت اتلخان - القائد التركي - من أن
الثورة التركية عام 1908م، كلها تقريباً من عمل مؤامرة يهودية ماسونية نظراً لعظم
نفوذ اليهود الماسون فيها»([122]). ومعنى ذلك أن نجاح
[119] الطائي، نجاح عطا:
الفكر القومي إسلامياً وتاريخياً، طبع طهران (1406هـ، 1986م)، ص29. الناشر:
معاونية العلاقات الدولية في منظمة الإعلام الإسلامي - الجمهورية الإسلامية
فيإيران.