سياسياً ليناً، طمح الشيخ الخالصي في كسبه إلى الجانب
الوطني، ظناً منه بأن تأييد الملك بشروط كلامية سيجعل أمره بيد الشيخ، وهذا ما لم
يوافق عليه أحد من كبار العلماء والوطنيين آنذاك، وبالفعل تراجع الشيخ عن تأييده
عند انكشاف أمر الملك على حقيقته، ولكن بعد فوات الأوان، حيث تكرّست شخصية الملك
في البعد الشعبي بنسبة مؤثرة، خصوصاً حينما استغل نسبه الشريف في أوساط العامة،
باعتباره من السادة الأشراف الذي ينتهي نسبهم إلى آل الرسول الأكرم صلى الله عليه
وآله وسلم، وقد تقرب بذلك من الشيعة، واظهر اهتماماً بالعتبات المقدسة في كربلاء
والنجف والكاظميةوسامراء.
وعلى ضوء
ما تقدم تزعزعت الثقة بنسبة مهمة داخل الأمة من الطرح السياسي للإسلاميين
الوطنيين، لأنهم لم يتمكنوا من تطوير وضعهم عبر مبادرة سياسة مضمونة النتائج،
فتركوا فراغاً محسوساً على الساحة السياسية، تمّ ملؤه من الطرف الآخر، فآنتقلت
القضية إلى موقع آخر، حتى أن المبدئيين من الناس عاشوا حالة من الاضطراب ما بين
القبول بالأمر الواقع على الأقل في المستوى الإداري والوظيفي وما بين الالتزام
بالعلماء والمبادئ الوطنية. وكأن أحلام الخلاص والإنقاذ على يد العلماء أخذت
تتبدّد لـمّا بان ضعفهم أمام متطلبات المرحلة ميدانياً، خصوصاً في المواجهة
التصعيدية التي اتبعتها سياسة الاحتلال والسلطة المحلية، ضد القيادات الإسلامية
والوطنية المخلصة، وتعمّق الأمر أمام إغراءات المناصب الإدارية والمواقع السياسية
فأخذت تظهر الانهيارات بين الناس فسقط البعض في الفخ المصلحي القاتل على حساب مصلحة
الأمة.
وقد شجعت
الدوائر الاستعمارية نشوء الأحزاب السياسية بمختلف الواجهات المحلية وبشعارات
الديمقراطية والوطنية وذلك على الطريقة الغربية، أي لم تمت إلى الدين بأية صلة
وخاصة في العاصمة بغداد. ممّا زاد من إرباك الساحة الوطنية المخلصة، وشعر
الإسلاميون كأنهم جسر العبور إلى مصالح تلك الحركات السياسية المتنافسة على ركام
عرش صنع في بريطانيا!! وبناءاً على هذه التطورات تضاعفت مسؤولية الإسلاميين
الوطنيين في اتجاه التربية ونشر الثقافة الواعية التي تعتبر أساس التحرك
السياسيالهادف.
واليوم
تتكرر التجربة بنمط متقارب، وبناءًا على ذلك تتكثف مسؤولية