يحصل الاستسلام لخطة المستعمرين الذين يجدون
مصلحتهم في إشعال نار الفتنة بين المسلمين. خصوصاً حينما تلتقي تلك الخطة مع مصلحة
المتضررين من التطورات السياسية، كما هي أوضاع العراق اليوم، وكذلك حينما تلتقي مع
هوى التكفيريين الذين تتبلور مهمتهم في الشحن الطائفي وتكفير المسلمين وإباحة
دمائهم وأموالهم وأعراضهم، لتتحوّل الساحة الآمنة - على أيديهم - إلى بحيرات من
دماء الأبرياء وأشلاء مقطعة من أجساد النساء والأطفال - كما يحصل في العراق اليوم -
أيضاً-. ويبدو لنا إن المعالجة العملية لهذه الأزمة، تتحدد في تعميم ثقافة الوحدة
الإسلامية، وفضح ارتباطات التكفيريين بمشاريع تخدم أعداء الأمة من المستعمرين
والصهاينة، الذين يحاولون نسف قيم الإسلام الأخلاقية في المحبة والسماحة والأُخوة
الإنسانية، وإظهار الإسلام للبشرية بأنه دين عدواني وإرهابي متوحش -
والعياذبالله-.
وبالإضافة
إلى هذه الخطوة المهمة في المعالجة، لابد أن تستكمل بمباشرة الحالة التنفيذية على
الأرض، وذلك في توظيف الكفاءات العلميّة وزج الطاقات العملية من مختلف مكونات شعب
العراق، لغرض إعادة أعمار العراق، والمسألة الدقيقة في هذا الإطار تتعلق بإسناد
المواقع الإدارية للأكْفاء من أبناء الشعب، الذين يمتازون بالنزاهة ونظافة اليد
والحرص على بناء الوطن إلى جانب قدراتهم العلميّة، بشكلٍ يضمن تفعيل الساحة
وتطويرها بما يتناسب مع متطلبات المرحلة، ضمن شعار الوحدةالوطنية.
ومن المفيد
أن نشير إلى أن هذه الوحدة التي ننشدها لا تعني إلغاء الخصوصيات القومية أو
المذهبية، وإنما المطلوب وضعها في إطارها الطبيعي الذي يضمن الحقوق والحريات في
أداء الشعائر والمراسيم بشكلٍ يمنع انجرار الساحة إلى إثارة الفتنة والتناحر
والتكفير. بهذا الوعي الإيماني الذي ينطلق من القرآن الكريم والسنة الشريفة في
تحديد التقويم العادل للأعمال على أسس التقوى والعمل الصالح، تتقدم الأمة وتنتصر
في ميادين الجهاد والبناء بشرط توافر النوايا الصادقة، يقول الإمام علي عليه
السلام: «ولقد كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، [أي كنا مع مدار الحق،
الواجب علينا إطاعته بأمر الله سبحانه حيث يقول: