وظهورُ مودّةِ الرعية. وإنه لا تظهر
مودّتُهُمْ إلاّ بسلامةِ صدورِهم..»([1565]).
إن الأمة
التي تختزن في داخلها طاقات الصمود الأسطوري في ميدان المقاومة، وقدرات التحدي
الجبار في ساحة الجهاد، وإمكانيات تربوية هائلة، وامتدادات تاريخية ملهمة لمسيرة
بناء دولة المؤسسات، إنما تسير على خطى القائد المنقذ لأزماتها، لا الكاتب والخطيب
والشاعر، مع الاحترام والتقدير لهذه الأدوارالمهمة.
وفي العراق تتجلى أهمية دراسة حركة العراقيين في التاريخ
الحديث بقيادة الإسلاميين الوطنيين وعلى رأسهم المرجعية الدينية الشيعية، حيث تمّ
الاستنهاض الوطني للشعب بكل مكوّناته بواسطة فتاوى الجهاد، فوقف الشعب صفاً واحداً
ضد المحتلين، الذين آستهدفوا الوحدة الوطنية، وعرقلوا بالقوة استمرار تصدي
الإسلاميين للشأن السياسي،وقمعوا الحركة الوطنية الاستقلالية بالحديد والنار لتموت
في مهدها، فأسقطوا حكومة كربلاء الوطنية التي تشكلت بعد ثورة العشرين بإشراف
المرجعية الدينية، والأدهى من ذلك زرعوا بؤر الفساد وخلايا الإرهاب داخل البلاد،
ليثيروا الفتنة الطائفية متى أرادوا، وذلك لغرض تمزيق كلمة الشعب، وهكذا استخدموا
شبكات الإرهابيين كقنابل موقوتة تهدّد السّلم الأهلي، بالسلب والنهب والقتل
والاعتداء، وقد أوعزوا لأعداء الشعب بمهاجمة البلاد من الخارج، فباشر الوهابيون
(الإخوان)([1566])
الذين قدموا من الحجاز هجومهم الوحشي ضد أهل العراق في الوسط والجنوب، لأسباب
سياسية جنت ثمارها سلطة الاحتلال، خصوصاً في اتجاه عرقلة قيام الدولة
الوطنيةالمستقلة.
إن دراسة تاريخ العراق الحديث في الحقبة الزمنية الممتدة
من ثورة الدستور 1908م حتى الاستقلال الرسمي عام 1932م، والتي احتوت على أحداث
وتطورات ونشاطات سياسية وجهادية، كشفت بوضوح مدى قابلية الشعوب الإسلامية على التصدي
للمحتلين، ومقدار تضحياتها وهي تخوض معارك المصير ضد مشاريع السيطرة والاستغلال
للبلاد والعباد، ما دامت متمسكة بالإسلام مصدر عزتها وقوتها، وبوحدة حركتها
الوطنية. فلقد قدّم العراق صوراً ناصعة في الجهاد والكفاح من أجل نيل الاستقلال،
وقد كلفت