يقول الأستاذ حسين جميل: «إن الحاكمين في عهد
الاستقلال (الناقص لسبب أحكام معاهدة 1930 التي تنتقص من هذا الاستقلال) هم نفس
الحاكمين في عهد الانتداب (المندوب السامي) حل محله (السفير البريطاني) بمركزه
الممتاز الذي هيّئته له معاهدة 1930، وامتيازات بريطانيا في العراق، واستمرار
نفوذها فيه، والملك.. والوزراء نفس الوزراء السابقين، واستمر تزييف النظام
البرلماني ومفاهيم هذا النظام ومؤسساته، بتكوين مجالس للنواب يختار الحاكمون
أعضاءها، بحيث لم يكن للناخبين رأي في نوابهم إلى سنة 1947.. بحيث أصبح مجلس
النواب، ليس مجلس نواب الشعب، بل مجلس نواب الوزارة..»([1558]).
والآن، وبعد الوصول إلى هذه النتائج إثر تلك التجربة
الإسلامية المليئة بالتضحيات والمواقف والنشاطات، يبقى أمامنا السؤال
المصيريالتالي:
أين
النتائج التي كانت متوقعة لعموم التحرك السياسي والجهادي والتربوي في تلك المرحلة؟
وبمعنى آخر، أين مواطن الخلل التي حالت دون الوصول إلى تلك النتائج؟ والذي يمكن
قوله -باختصار - في الإجابة عن هذه الإثارة، هو إن الخطة التغييرية كانت تشكو من
ضعف قدرتها على توظيف طاقات الأمة في الساحة السياسية، على ضوء رؤية المراجع
القادة، ولعل السبب يعود إلى ضعف حلقة الوصل ما بين القائد والأمة، هذه الحلقة
التي من المفروض أن تكون على درجة عالية من الوعي والحكمة لتتمكن من توجيه حركة
الأمة وضبطها في حالة المعارضة السياسية أو العمل الثوري، وأما السبل التي أُتبعت
للوصول إلى الأهداف الكبيرة في إقامة حكم وطني إسلامي مستقل على أرض الرافدين، قد
أدخلت القضية في دهاليز متعددة وأحياناً كانت مجهدة إلى درجة كبيرة، وخاصة بالنسبة
للقيادات الدينية العليا حيث إنها غابت عن الساحة في لحظات حرجة، كما حدث لقائد
ثورة العشرين. ومن ثم التراجعات من قبل العلماء القادة عن التدخل في الشؤون
السياسية للعراق، وأخيراً الدخول في المعارك الثقافية، والوقوف عند حدّها -
تقريباً - في تلك الحقبة الزمنية، كمدافعين أو مهاجمين، كل ذلك أدى إلى وصول
القضية إلى هذه النتائج، غير المتناسبة