أنيس زكريا النصولي. فأثار ضجة هائلة في الأوساط
الثقافية والاجتماعية وخاصة عند الإسلاميين والشيعة منهم بالتحديد. وكان زمن نشره
يساعد على توجيه هجمة ثقافية ضد الإسلاميين من البوابة التاريخية. فانعكست ردود
الفعل في النوادي الاجتماعية ومجالس العلماء والصحف المحلية، وآنبرى بعض العلماء
للرّد على الكتاب، ومن الكتب التي صدرت ضده هو كتاب، «دولة الشجرة الملعونة
الشامية» للسيد محمد مهدي القزويني مطبعة دار السلام 1346هـ([1529]).
ومما لا
يخفى، أن تحريك هذه المعارك كان يتم بتدبير من البريطانيين، كأسلوب هجومي ضد
التيار الإسلامي، لدفعهم بآتخاذ الإجراءات المضادة في إطار المعركة الثقافية
والاجتماعية فيما بين المسلمين أنفسهم، ليبعدوهم عن المحور السياسي والإداري
والمطالب الوطنية. يقول خيري العمري: «ولا شك أن قضية النصولي سببت خلق جوٍّ مشبع
بالتوتر، مملوء بالريب. وبطبيعة الحال لم يختفِ هذا الجو بآنتهاء القضية المذكورة،
بل بقيت ذيولها ونتائجها، وانعكست آثارها في الأحداث التي تعاقبت والقضايا الأخرى
التي طرحت الموضوعات التي برزت فيما بعد، فقامت مساجلات عنيفة ودارت مناقشة حامية
على صفحات الصحف ساهمت فيها بخبث جريدة (التايمس) البغدادية، التي كانت تعبّر عن
آراء دار الاعتماد البريطاني، [ثم يتساءل الكاتب بقوله]، وبقي سؤال يدور في
الأذهان، ترى من الذي كسب من وراء هذه الضجة؟ [ويجيب بقوله] أغلب الظن أن دار
الاعتماد البريطاني هي التي خرجت من المعركة غانمةً، فقد كسبت تصديع عرى الوحدة
[الوطنية]، وكسبت جواً مشبعاً بالحقد الطائفي، غير أن دار الاعتماد البريطاني لم
يفتها استغلال هذه الظروف في تحقيق أغراضها السياسية وإحباط المفاوضات العراقية -
البريطانية، التي استهدف منها الجانب العراقي تعديل الاتفاقية العسكرية على نحو
يقرر إدخال التجنيد الإجباري، فلم تجد دار الاعتماد - وهي التي كانت تعارض هذا
المشروع - خيراً من هذا الجو تستغله في خنق المشروع المذكور، الذي دعت إليه بعض
الأوساط الوطنية فتمكنت من القضاء عليه بحيث