العراقية، حيث كان يتم إخراجها
بالصيغة القانونية عبر موافقة المجلس ومصادقته عليها. وعلى ضوء هذه التطورات حصر
الصراع السياسي - من الناحية العملية - ما بين المعارضة الإسلامية للحكومة وبين
مؤيدي الاتجاه البريطاني في المجلس، أي وضع الصراع في زاوية محدودة باتجاه
الحكومة، باعتبارها الجهاز المحلي، بل لنسميه الجهاز العراقي الكفيل بتنفيذ
الإرادة البريطانية في العراق. أما سلطات الاحتلال البريطاني فقد عزلت وضعها عن
التدخل في تفاصيل الأمور الإدارية واكتفت بمراقبتها للتطورات بطريقتها المتعالية،
وكانت تطيل التفكير لإعداد معاهدة أخرى تضمن من خلالها المصالح البريطانية
المرجوّة. ولأجل إبرام معاهدة جديدة تحقق أطماع بريطانية جديدة تستوجب تنازلات
أخرى من الحكومة العراقية، كانت تسعى سلطات الاحتلال على تغيير رئيس الحكومة،
كأسلوب إداري ضاغط، وبذلك يتم توزيع التنازلات على أكثر من وزارة، وتحسباً لتصعيد
نشاطات المعارضة الإسلامية ضد معاهدة 1927، تمت استقالة حكومة العسكري في
18/1/1928، أي في 26 رجب 1346هـ، وتشكلت الحكومة برئاسة السعدون للمرة الثالثة،
بإشارة من سلطات الاحتلال وقد تم تكليف السعدون من قبل الملك، واستمرت الحكومة هذه
من 14 كانون الثاني 1928 إلى 28 نيسان1929([1487]).
وبصعود السعدون هذه المرة طلب منه تغيير سياسته اتجاه
المعارضة الإسلامية كأسلوب إداري جديد يمكن تمرير المعاهدة الجديدة من خلاله.
فعمّم منذ البداية كتاباً سرياً إلى الوزراء بتاريخ 23/1/1928 أكد فيه على ضرورة
تحسين المعاملة مع المعارضة الإسلامية، والشيعية بالتحديد، وطلب تعيين الكفوئين
منهم في مناصب إدارية وعلمية لائقة([1488]).
ومن ثم أقدم على خطوة جريئة، حلّ بموجبها مجلس النوّاب، وطلب الإعداد للانتخابات
النيابية، سعياً منه لاشغال المعارضة والرأي العام بالإجراءات الجديدة، وفعلاً:
«بدأت الانتخابات في أواخر كانون الثاني 1928، بعد أن أبرقت وزارة الداخلية في
19/1/1928 إلى المتصرفين [المحافظين]