الجبهة
الحساسة، لعدم ضمان عواقبها، وأما لعدم توافر الإمكانيات المناسبة لممارسة هذه
الأدوار المهمة، وعلى ضوء هذين الاحتماليْن فإن هذا الفراغ المهم دفع بالإنكليز
إلى التفكير الجدي لملئه بصنائعهم من القوميين، أمثال ياسين الهاشمي، الذي أبدى
استعداده لتغيير موقعه من جبهة المعارضة، إلى رجل السلطة -وفي الحقيقة - إن هذا
السلوك المزدوج والمتقلب هو أمر طبيعي للمعارضة التي لا تمتلك جذوراً حقيقية داخل
الأمة، ولا تستند إلى الثقافة الوطنية المبدئية، بل تعتبر ثقافتها ومنهجيتها طارئة
على ثقافة الشعب المسلم، فالهاشمي يمثل الظاهرة الاعتيادية في التيار القومي
-العلماني - كما يراه بعض الباحثين([1466]).
وللعلم لقد تلخص منهاج الوزارة الهاشمية في «الإسراع في نشر القانون الأساسي،
وقانون انتخابات النواب، ووضعهما موضع التنفيذ، وجمع المجلس النيابي، والتآزر مع
الدولة الحليفة للإسراع في تسلم المسؤوليات والسعي للاستفادة من مركزها وخبرتها
لإنهاض العراق، وتطبيق المعاهدة بكل دقة، والسعي في تحقيق التعديلات المشار إليها
في قرار المجلس التأسيسي وفي تخفيف الأعباء، عن عاتق الدولة العراقية..»([1467]).
وما اكتفت
بريطانيا في تثبيت معاهدة 1922 بالصورة القانونية، بل استمرت في وضع الأغلال
المكبلة لحكومة العراق، وذلك عبر إيجاد شبكة من الارتباطات المالية والاقتصادية
والعسكرية والثقافية. وذلك ليصعب فك الارتباط بين الجانبين، وليصل العراقيون على
المستوى الحكومي والشعبي إلى قناعة مهمة، هذه القناعة تبقى شاخصةً أمام العراقيين،
يدور محورها حول عدم إمكانية فك الارتباط المصيري ببريطانيا. فمن الناحية العسكرية
خلقت تهديدات تركيا لضم الموصل إليها في الشمال، وكذلك أظهرت العمليات المستمرة من
قبل ابن سعود في الجنوب. أشباحاً مرعبة تلاحق أحلام الحكومة العراقية وعامة الشعب.
ففي الشمال «بناءً على ضرورة القيام بحركات عسكرية على الحدود الشمالية، بناء على
اجتياز قوات الأتراك غير النظامية حدود العراق وعبثها بأموال وأعراض الناس، وافق
مجلس الوزراء في جلسة 15 أيلول على إجراء هذه الحركات وإيداع قيادة قطعات الجيش
العراقي المحتشدة في لواء الموصل، إلى قائد الطيران