عرفنا ولاء المؤسسين لها أمثال السعدون الذي
كان ولاؤه بشكل مطلق لبريطانيا، وكان الهدف من تأسيسها الوقوف ضد المد الإسلامي
العَقَدي الذي لا يلتقي مع البريطانيين المحتلين، إلا أن الحاجة المرحلية ضغطت
بآتجاه مواكبة الصناعة الحزبية، موضة العصر آنذاك، فدخل بعض الإسلاميين على خط
العمل الحزبي ولو بنسبة معينة، كالإمام الخالصي الذي ساند (الحزب الوطني العراقي)([1438]).
ولكن
الحالة الحزبية الحكومية كانت تحمل مشوقات مهمة ضمن تحقيق طموحات شخصية على
المستوى السياسي أو الإداري، من دون أن تحمل رسالة وطنية هادفة. يقول الأستاذ حسين
جميل: «لا نجد في فترة الانتداب حزباً له رسالة، ولو كانت محدودة بحدود سياسية فقط
هي العمل للوصول إلى الاستقلال، غير حزب واحد هو الحزب الوطني العراقي برئاسة جعفر
أبو التمن..»([1439])،
المعروف بتوجهاته الإسلامية وعلاقاته المميزة بالعلماء، وبعض مواقفه الدالة على
ذلك بوضوح([1440]).
المهم، ضمن
هذه الأجواء المشبعة باللهاث المادي والسلطوي، تركزت مسؤولية العلماء الإسلاميين،
إثر التراجع في العمل الجهادي والصراع السياسي، باتجاه تكريس الثقافة الإسلامية في
الأمة، بتطوير أساليب ووسائل نشر الوعي الإسلامي، ورد الشبهات المثارة حول الإسلام
نتيجة التأثر بالإعلام الغربي الموجه ضد الإسلام والمسلمين من ناحية، وجهل كثير من
الناس بمقاصد الشريعة الإسلامية من ناحية أخرى. وبذلك تمّ توجيه الثقافة السياسية
للأمة، في اتجاهها الصحيح، باعتبارها جزء من الثقافة الإسلامية العامة، على أسس
تربوية متينة. لغرض تحصين الشعب المسلم من ورطة الانزلاق في وحل الأنفاق المظلمة
التي أُعدت له - سلفاً-.
ومن المعلوم
أن تجريد المجتمع المسلم من قيمه الإسلامية، يعني ذلك