الفصل الثالث

الإسلاميون فـي المعترك الثقافـيوالحركي، منذ منتصف العشرينيات حتى الاستقلال الرسمي عام 1932م (دخول العراق عصبة الأمم)

حصيلة التجربة الجهادية والصراعالسياسي

تعدّ التجربة الميدانية للإسلاميين في المواجهة العسكرية ضد المحتلين البريطانيين في ثورة العشرين، من أكبر معالم تاريخ العراق الحديث، لما امتازت به من مواقف مبدئية ومشاهد بطولية للقيادة الإسلامية، وللشعب المسلم ضد القوّات الأجنبية المحتلة. ولكنها انتهت إلى ما انتهت إليه من دون أن تحسم المعركة لصالح الثوار، بالرغم من أنها لقّنت العدوَّ دروساً بالغة الأهمية، إلا أن العدوّ المحتل عمدَ إلى زجّ الأمة في معركة مفتوحة على عدة جبهات، لغرض تشتيت جهود الأمة نحو الجبهة السياسية والإعلامية، والجبهة الفكرية الثقافية إلى جانب الجبهة العسكرية، فآنبرت الأمة بقياداتها لأداء وظيفتها المبدئية والوطنية بما أوتيت من قوة، ولعل محدودية الوعي السياسي لمجمل المتصدين الإسلاميين، وعدم وضوح السبل الموصلة إلى النتائج المرجوة من الثورة، وكذلك لحصرها في العراق مما جعلها تحمل الهمّ الإقليمي في مواجهة عدوٍّ محتل للمنطقة عموماً، فهو عدو مشترك لشعوب المنطقة، إلاّ أن مواجهته لم تكن شاملة بالشكل المطلوب، لذلك ظهر عدم تكافؤ الطرفين في المعركة، من الناحية الاقتصادية والعسكرية والتكنيكية([1419]).