وكان أمام السعدون تقريران: الأول يدعو إلى تصديق
المعاهدة ومن ثم الدخول في المفاوضات لتعديلها، والثاني يطالب بالتعديل قبل
المصادقة، وجرى التصويت في ظل الأجواء الضاغطة، وبالنتيجة أيدّ سبعة وثلاثون
نائباً إجراء التصديق على المعاهدة قبل تعديلها، ورفض ذلك ثلاثة وعشرون نائباً.
فيما امتنع ثمانية عن التصويت. نعم هكذا تـمّت المصادقة على المعاهدة([1410]).
والواقع «إن تصديق المعاهدة من قبل المجلس التأسيسي كان مشروطاً بإعادة النظر فيها
فور تصديقها، لكن السلطة البريطانية اتخذت من المعاهدة وتصديقها ذريعة لتقييد حركة
المجلس التأسيسي باتجاه تعديل القانون الأساسي وقانون الانتخابات عن مناقشته لهما،
بحجة أن تلك التعديلات تتناقض مع بنود المعاهدة التي صادقها المجلس. وهكذا أراد
البريطانيون أن يكون للانتداب وبنوده وجود دائم في أسس الدولة العراقية الجديدة
لخدمة مصالحهم الاستعمارية»([1411]).
وبعد عملية التصديق - هذه - اختفى الأثر المباشر
للنشاطات الوطنية في الشوارع والساحات العامة، وانتهت ملاحقة أعضاء المجلس وتوجيه
التهديدات إليهم، بينما دخلت المعارضة الإسلامية في مرحلة أخرى من مراحل العمل
السياسي، مستثمرة عوامل التذمر والسخط لدى الشعب، وقد بدت واضحة باتجاه المعاهدة
وتصديقها([1412]).
إلا أن
المجلس استمر في أعماله حتى الثاني من آب 1924، حيث عقدت جلسة الختام، وهي الجلسة
التاسعة والأربعون. وفيها ألقى بعض الأعضاء كلمات بالمناسبة، وأعلن رئيس الوزراء
جعفر العسكري فيها بيان استقالة الوزارة، بعد إتمام أعمالها، وتلا - أيضاً - قرار
السلطة الملكية بفض المجلس التأسيسي وذلك لإنهاء أعماله، فانفض المجلس([1413]).